للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلانٍ فِي بني فلَان. وَالْأَصْل فِي ذَلِك أَن الصبيَّ مَا دَامَ طِفلاً تعلِّق عَلَيْهِ أمُّه التمائمَ، وَهِي الخَرزُ تعوِّذه بهَا من الْعين، فَإِذا كبِر قُطعتْ عَنهُ. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:

بِلَاد بهَا عَقَّ الشَّبَاب تميمتي

وأوَّلُ أرضٍ مسَّ جلدي ترابُها

وروى أَبُو عُمر عَن أَحْمد بن يحيى عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الْعَقِيقَة: المزادة. والعقيقة: النَّهر. والعقيقة. العِصابةُ سَاعَة تشَقُّ من الثَّوْب. والعقيقة: خَرزة حَمْرَاء. والعقيقة: نواة رخوة من نوى الْعَجْوَة تُؤْكَل. قَالَ: والعقيقة: سهم الِاعْتِذَار. قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قلت لِابْنِ الْأَعرَابِي: وَمَا سهم الِاعْتِذَار؟ فَقَالَ: قَالَت الْأَعْرَاب: إنَّ أصل هَذَا أَن يُقتل رجلٌ من الْقَبِيلَة فيطالَب الْقَاتِل بدمه، فيجتمع جماعةٌ من الرؤساء إِلَى أَوْلِيَاء الْقَتِيل ويعرضون عَلَيْهِم الدِّيَة ويسألونهم الْعَفو عَن الدَّم. قَالَت الْأَعْرَاب: فَإِن كَانَ وليُّه أبيّاً حمياً أَبى أَخذ الدِّيَة، وَإِن كَانَ ضَعِيفا شاورَ أهلَ قبيلته، فَيَقُولُونَ للطالبين: إنَّ بَيْننَا وَبَين خالقنا عَلامَة لِلْأَمْرِ وَالنَّهْي. قَالَ: فَيَقُول الْآخرُونَ: مَا علامتكم؟ فَيَقُولُونَ: نَأْخُذ سَهْما فنركِّبه على قَوس ثمَّ نرمي بِهِ نَحْو السَّمَاء، فَإِن رجَعَ إِلَيْنَا ملطَّخاً بِالدَّمِ فقد نُهينا عَن أَخذ الدِّيَة، وَإِن رَجَعَ إِلَيْنَا كَمَا صعد فقد أمرنَا بِأخذ الدِّيَة.

قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ أَبُو المكارم وَغَيره:

فَمَا رجَع هَذَا السهمُ قَطْ إِلَّا نقِيّاً، وَلَكِن لَهُم بِهَذَا عُذرٌ عِنْد جُهالهم.

قَالَ: وَقَالَ الأسعر الجعفيّ من أهل الْقَتِيل وَكَانَ غَائِبا عَن هَذَا الصُّلْح:

عقُّوا بِسَهْم ثمَّ قَالُوا سالموا

يَا لَيْتَني فِي الْقَوْم إذْ مَسحوا اللِّحى

قَالَ: وعلامة الصُّلح مَسْحُ اللحى.

قُلت: وَأَخْبرنِي عبد الْملك الْبَغَوِيّ عَن الرّبيع عَن الشَّافِعِي أَنه أنْشدهُ:

عقُّوا بِسَهْم وَلم يشعُر بِهِ أحد

ثمَّ استفاءوا وَقَالُوا حَبَّذا الوَضحُ

أخبر أَنهم آثروا إبلَ الدِّيَة وَأَلْبَانهَا على دم قاتلِ صَاحبهمْ. والوضح: اللبنُ هَاهُنَا.

وَيُقَال للدلو إِذا طلعت من الركيّة ملأى: قد عَقّت عقّاً. وَمن الْعَرَب من يَقُول عقتْ تعقِيَة، وَأَصلهَا عقّقت، فلمّا توالى ثَلَاث قافات قلبوا إِحْدَاهَا يَاء كَمَا قَالُوا تظنَّيت من الظَّن. وَأنْشد ابنُ الْأَعرَابِي فِيمَا أَخْبرنِي المنذرّي عَن ثَعْلَب عَنهُ:

عَقتْ كَمَا عقت دَلوف العِقْبان

شبّه الدَّلْو إِذا نزعت من الْبِئْر وَهِي تعُّق هَوَاء الْبِئْر طالعةً بسرعةٍ بالعقاب إِذا انقضَّتْ على الصَّيدِ مسرعة.

وروى الحرّاني عَن ابْن السّكيت أَنه قَالَ: الْعَقِيقَة: صُوف الجَذَع. والجنيبة: صوف الثَّنِيّ.

وَقَالَ أَبُو عبيد: العِقاق: الْحَوَامِل من كل ذَات حافر. والواحدة عَقوق.

وَقَالَ ابْن المظفّر: يُقَال أعقت الفرَسُ والأتانُ فَهِيَ مُعِقٌّ وعَقوق، وَذَلِكَ إِذا نَبتَت الْعَقِيقَة فِي بَطنهَا على الْوَلَد الَّذِي حملتْه. وَأنْشد لرؤبة:

<<  <  ج: ص:  >  >>