للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَكْسُورَة، وَإِن كَانَت تَفْسيراً لِلْقَوْلِ نَصَبتها، وَذَلِكَ مثل قَول الله تَعَالَى: {وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً} (يُونُس: ٦٥) .

وَكَذَلِكَ المَعنى اسْتِئْنَاف، كَأَنَّهُ قَالَ: يَا مُحَمَّد، إِن الْعِزَّة لله جَمِيعًا.

وَكَذَلِكَ {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} (النِّسَاء: ١٥٧) كسرتها، لِأَنَّهَا بعد القَوْل على الْحِكَايَة.

قَالَ: وَأما قَوْله تَعَالَى: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَاّ مَآ أَمَرْتَنِى بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ} (الْمَائِدَة: ١١٧) فَإنَّك فَتحت الْألف، لِأَنَّهَا مُفَسَّرة ل (مَا) ، و (مَا) قد وَقع عَلَيْهَا القولُ فنصبها، وموضعها نَصْب.

وَمثله فِي الْكَلَام: قد قلت لَك كلَاما حَسناً أنّ أَبَاك شريفٌ، وأنَّك عَاقل، فتحت (أنّ) لِأَنَّهَا فَسَّرت الْكَلَام، وَالْكَلَام مَنْصوب.

وَلَو أردْت تَكْرِير القَوْل عَلَيْهَا كَسَرْتها.

قَالَ: وَقد تكون (إنّ) بعد القَوْل مَفْتُوحَة، إِذا كَانَ القَوْل يُرافعها؛ من ذَلِك أَن تَقول: قولُ عبد الله مُذ الْيَوْم أنّ النَّاس خارجون، كَمَا تَقول: قولُك مُذ الْيَوْم كلامٌ لَا يُفْهم.

وَقَالَ اللَّيْث: إِذا وَقعت (إنّ) على الْأَسْمَاء والصِّفات فَهِيَ مُشدَّدة.

وَإِذا وَقعت على فعل أَو حرف لَا يتَمَكَّن فِي صِفة أَو تَصريف فخفِّفها، تَقول: بَلغنِي أَن قد كَانَ كَذَا وَكَذَا، تخفّف من أجل (كَانَ) ، لِأَنَّهَا فِعل، وَلَوْلَا قد لم تَحْسن على حَال من الفِعل حَتَّى تعتمد على (مَا) أَو على (الْهَاء) ، كَقَوْلِك: إِنَّمَا كَانَ زَيْدٌ غَائِبا، وَبَلغنِي أَنه كَانَ أَخُو بكر غنِيًّا.

قَالَ: وَكَذَلِكَ بَلغنِي أَنه كَانَ كَذَا وَكَذَا، تشدِّدها إِذا اعتمدَتْ.

وَمن ذَلِك قَوْلك: إنْ رُبّ رجل، فتخفّف.

فَإِذا اعتمدَت قلت: إِنَّه رُبّ رجُل، شدَّدْت.

وَهِي مَعَ الصّفات مشدّدة: إنّ لَك، وإنّ فِيهَا، وإنّ بك، وأَشَباهها.

قَالَ: وللعرب لُغَتَانِ فِي (إنّ) الْمُشَدّدَة:

إِحْدَاهمَا التَّثقيل، وَالْأُخْرَى التَّخْفِيف.

فأمّا من خَفّف فَإِنَّهُ يَرفع بهَا.

إِلَّا أَن نَاسا من أهل الْحجاز يخفِّفون ويَنصبون على توُّهم الثَّقِيلَة.

وقرىء: {وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} (هود: ١١١) خفَّفوا ونَصبوا.

وأنْشد الفَرّاء فِي تَخْفيفها مَعَ المُضْمر:

فَلَو أَنْك فِي يومِ الرَّخاء سأَلْتني

فِراقَك لم أَبْخل وَأَنت صَدِيقُ

وأنْشد القولَ الآخر:

<<  <  ج: ص:  >  >>