وداهية مِن دَواهي المَنو
ن يَرْهَبها الناسُ لَا فَالها
فَجعل للدّاهية: فَمَا.
وَقَالَ آخر:
لَئِن مالكٌ أَمْسى ذليلاً لطالما
سَعَى للَّتِي لَا فَالها غَيْر آئِبِ
أَرَادَ: لَا فَم لَهَا، أَي: للداهية.
وأنْشد شَمر للكُميت:
وَلَا أَقُول لذِي قُربَى وآصِرة
فاهَا لفِيك على حالٍ من العَطَبِ
وَقَالَ شَمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: فاهاً بفيك، منوّنة، أَي: ألصق الله فَاك بِالْأَرْضِ.
قلت: وَقد مَرّ الْحَرْف مشبعاً فِي كتاب الْهَاء.
بَاب حُرُوف اللفيف من الْفَاء
فَاء فأى فأفأ فيف فوف فو فِي وفا آف أفّ.
فَاء: قَالَ الله تَعَالَى: {فَإِن فَآءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (الْبَقَرَة: ٢٢٦) .
وَقَالَ الله تَعَالَى: {شَىْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ} (النَّحْل: ٤٨) .
وَقَالَ الله تَعَالَى: {قَدِيرٌ مَّآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَى لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الَاْغْنِيَآءِ مِنكُمْ وَمَآءَاتَاكُمُ} (الْحَشْر: ٧) .
(فالفيء) فِي كتاب الله تَعَالَى على ثَلَاثَة معَان، مَرجعها إِلَى أصل وَاحِد، وَهُوَ الرُّجوع.
قَالَ تقدّس ذِكره فِي المُولين من نِسَائِهِم، {فَإِن فَآءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} وَذَلِكَ أَن الْمولي حَلف ألَا يطأَ امرأتَه، فَجعل الله لَهُ مُدّة أَرْبَعَة أشهر بعد إيلائه، فَإِن جَامعهَا هِيَ فِي الْأَرْبَعَة الْأَشْهر فقد فَاء، أَي: رَجَعَ عمّا حَلف عَلَيْهِ مِن ألاّ يُجامعها إِلَى جِماعها، وَعَلِيهِ لِحْنثه كفّارةُ يَمين، وَإِن لم يُجامعها حَتَّى تَنقضي أَرْبَعَة أشهر من يَوْم آلَى، فَإِن ابْن عَبَّاس وَجَمَاعَة من الصَّحَابَة أوقعوا عَلَيْهَا تطْليقةً، وجَعلوا عَزِيمَة الطَّلَاق انْقِضَاء أَرْبَعَة أشهر. وَخَالفهُم الْجَمَاعَة الْكَثِيرَة من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغَيرهم من أهل العِلم، وَقَالُوا: إِذا آنقضت أَربعة أشهر وَلم يُجامعها وُقِّفَ المُولي، فإمّا أَن يَفيء، أَي يُجَامِعهَا ويكفِّر، وَإِمَّا أَن يُطلِّق.
فَهَذَا هُوَ الْفَيْء من الْإِيلَاء، وَهُوَ الرُّجوع إِلَى مَا حَلف عَلَيْهِ أَلا يَفعله.
وَأما قَول الله تَعَالَى: {شَىْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ} (النَّحْل: ٤٨) فإِنْ التَّفيّؤ، تفَاعل من (الْفَيْء) ، وَهُوَ الظل بالعشيّ.
وتَفّيؤ الظلال: رُجوعها بعد انتصاف النّهار، وانتعال الْأَشْيَاء ظِلالَها.