للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ الفّراء: وَلَا تقل فِي (أفّة) إِلَّا الرّفع والنَّصب.

قَالَ الفّراء: فَأَما الْقِرَاءَة فقُرىء: أُفِّ، بِالْكَسْرِ بِغَيْر تَنْوِين، وأُفَ، بالتَّنْوين.

فَمن خَفَض ونّون ذَهب إِلَى أَنَّهَا صَوت لم يُعرف مَعْنَاهُ إِلَّا بالنُّطق بِهِ، فَخَفضوه كَمَا تُخفض الْأَصْوَات، ونَوَّنوه كَمَا قَالَت الْعَرَب: سَمِعت طاقٍ طاقٍ، لصوت الضَّرْب؛ وَيَقُولُونَ: سَمِعت تَغٍ تَغٍ، لصوت الضَّحك.

وَالَّذين لم يُنَوِّنوه وخَفَضوا قَالُوا: أُفِّ، على ثَلَاثَة أحرف، وَأكْثر الْأَصْوَات على حرفين، مثل صَهٍ، وتَغٍ، ومَهٍ، فَذَلِك الَّذِي يُخفض وينون، لأنّه متحرك الأول، ولسنا بمُضطرين إِلَى حَرَكَة الثَّانِي من الأدوات وأَشباهها، فخفض بالنُّون.

وشُبهت (أُف) بقَوْلهمْ: مُدّ، ورُدّ، إِذْ كَانَت على ثَلَاثَة أَحْرف.

قَالَ: والعربُ تَقول: جَعل فلانٌ يتأفّف من رِيح وَجَدها.

مَعْنَاهُ: يَقُول أُف أُف.

وحُكي عَن الْعَرَب: لَا تقولنَّ لَهُ أُفًّا وَلَا قُفًّا.

وَقَالَ ابْن الأنباريّ: من قَالَ أُفاً لَك، نَصَبه على مَذْهَب الدُّعاء، كَمَا يُقَال: ويلاً للْكَافِرِينَ.

وَمن قَالَ: أُفٌّ، رَفَعه بِاللَّامِ، كَمَا يُقَال: ويلٌ للْكَافِرِينَ.

وَمن قَالَ: أُفَ لَك، خَفضه على التَّشْبِيه بالأصوات، كَمَا يُقَال: صَهٍ ومَهٍ.

وَمن قَالَ: أُفيِّ لَك، أَضَافَهُ إِلَى نَفْسه.

وَمن قَالَ: أُفْ لَك، شَبّهه بالأدوات، ب (من) ، و (كم) ، و (بل) ، و (هَل) .

وَقَالَ أَبُو طَالب: أُفٌّ لَك وتُفٌّ؛ وأُمَّةٌ وتُفَّةٌ.

وَقَالَ الأصعمي: الأُفّ وسخ الْأذن؛ والتُّفّ: وسخ الأَظْفار.

يُقال ذَلِك عِنْد استقذار الشّيء، ثمَّ كثُر حَتَّى استعملوه فِي كل مَا يتأذّون بِهِ.

قَالَ: وَقَالَ غَيره: أُف، مَعْنَاهُ: قلّة، وتُف، إتباع، مَأْخُوذ من (الأَفف) ، وَهُوَ الشَّيْء الْقَلِيل.

أَبُو الْهَيْثَم بخطّه لِابْنِ بُزُرْج، يُقَال: كَانَ فلَان أُفوفة، وَهُوَ الَّذِي لَا يَزال يَقُول لبَعض أمره: أُف لَك، فَذَلِك الأُفوفة.

قَالَ القُتيبي، فِي قَول الله تَعَالَى: {فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ} (الْإِسْرَاء: ٢٣) أَي: لَا تَسْتَثْقل شَيْئا من أَمرهمَا وتضيق صَدرا بِهِ، وَلَا تُغلظ لَهما.

قَالَ: وَالنَّاس يَقُولُونَ لما يكْرهُونَ ويَسْتَثقلون: أُفّ لَهُ.

وأصل هَذَا نَفْخك للشَّيْء يَسْقط عَلَيْك من تُرَاب أَو رماد، وللمكان تُريد إمَاطَة

<<  <  ج: ص:  >  >>