للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: الضَيْعة والضِّيَاع عِنْد الْحَاضِرَة: مَال الرجل من النّخل والكَرْم وَالْأَرْض وَالْعرب لَا تعرف الضَّيْعَة إِلَّا الحرفة والصناعة، وسمعتهم يَقُولُونَ: ضَيْعَة فلَان الخِرازة، وضيعة آخر الفَتْل، وسَفّ الخُوص وَعمل النّخل ورعي الْإِبِل وَمَا أشبه ذَلِك. وَمن أمثالهم: إِنِّي لأرى ضَيعةَ، لَا يصلحها إِلَّا ضجعة، قَالَه رَاع رَفَضت عَلَيْهِ إبلُه فِي المرعى، فَأَرَادَ جمعهَا فتبدّدت عَلَيْهِ، فاستغاث حِين عجز بِالنَّوْمِ. وَقَالَ جرير:

وقلن تروحّ لَا تكن لَك ضَيْعة

وقلبك مَشْغُول وهنّ شواغله

وَقد تكون الضَّيْعَة من الضيَاع. وَقَالَ النَّضر فِي قَوْله من ترك ضيَاعًا فإليّ قَالَ: الضّيَاع: الْعِيَال.

وَقَالَ ابْن السّكيت: من أمثالهم: الصيفَ ضيعتِ اللَّبن إِذا خُوطِبَ بِهِ الْمُذكر أَو الْمُؤَنَّث أَو الِاثْنَان أَو الْجَمِيع فَهِيَ مَكْسُورَة التَّاء لِأَن الْمثل خُوطِبَ بِهِ الْمَرْأَة فَجرى المَثَل على الأَصْل.

وضع: شمر عَن أبي زيد: وضعت النَّاقة وَهُوَ نَحْو الرقَصَان. أوضعتها أَنا. قَالَ: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: وضع الْبَعِير إِذا عدا، وأوضعته أَنا إِذا حملتَه عَلَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْث الدَّابَّة تضع السّير وَضْعاً، وَهُوَ سير دون. يُقَال: إِنَّهَا لحسنة الْمَوْضُوع. وَأنْشد:

بِمَاذَا تردّين امْرأ جَاءَ لَا يرى

كودّك ودّاً قد أكلّ وأوضعا

قَالَ: يُرِيد أوضعها راكبها، وَهُوَ ذَلِك السّير الدون. وَمِنْه: {ولَاَوْضَعُواْ خِلَالَكُمْ} (التّوبَة: ٤٧) .

قلت: قَول اللَّيْث: الْوَضع: سير دونٌ لَيْسَ بِصَحِيح، الْوَضع هُوَ العَدْو. وَاعْتبر اللَّيْث اللَّفْظ، وَلم يعرف كَلَام الْعَرَب فِيهِ.

فأمّا قَول الله تَعَالَى: {ولَاَوْضَعُواْ خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ} (التّوبَة: ٤٧) فَإِن الْفراء قَالَ: الْعَرَب تَقول أوضع الرَّاكِب وَوضعت النَّاقة، وَرُبمَا قَالُوا للراكب وَضَع وَأنْشد:

ألفيتني مُحْتَمِلاً بَزِّي أَضَع

وَقَالَ الْأَخْفَش: يُقَال أوضعتُ، وَجئْت موضِعاً. وَلَا توقعه على شَيْء. وَيُقَال من أَيْن أوضع الراكبُ وَمن أَيْن أوضح الرَّاكِب. هَذَا الْكَلَام الجيّد. قَالَ: وَقد يَقُول بعض قيس: أَوضعت بَعِيري فَلَا يكون لحناً.

وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه سَمعه يَقُول بعد مَا عُرض عَلَيْهِ كَلَام الْأَخْفَش هَذَا. وَقَالَ يُقَال: وضعُ البعيرُ يضع وَضْعاً إِذا عدا فَهُوَ وَاضع، أوضعته أَنا أُوضعه إيضاعاً قَالَ وَيُقَال: وضع الرجل إِذا عدا يضع وَضْعاً. وَأنْشد:

يَا لَيْتَني فِيهَا جذع

أَخُبَّ فِيهَا وأضع

أخُبّ من الخبب، وأضع أَي أَعْدو من الْوَضع. قَالَ وَقَول الله: {أَي أوضعوا مراكبهم خلالكم لَهُم قَالَ: وأمَّا قَوَائِم: إِذا طَرَأَ عَلَيْهِم الرَّاكِب: من أَيْن أوضح الراكبُ فَمَعْنَاه من أَيْن أنشأ، وَلَيْسَ من الإيضاع فِي شَيْء.

<<  <  ج: ص:  >  >>