للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ بَعضهم: هُوَ من العَدَاء وَالنُّون والهمزة زائدتان. وَقَالَ بَعضهم: هُوَ بِنَاء على فِنْعَلْوة. وَقَالَ بَعضهم: عندأْوة فِعْلَلْوة. وَالْأَصْل قد أُميت فعله، وَلَكِن أَصْحَاب النَّحْو يتكلّفون ذَلِك باشتقاق الْأَمْثِلَة من الأفاعيل. قَالَ: وَلَيْسَ فِي جَمِيع كَلَام الْعَرَب شَيْء تدخل فِيهِ الْهمزَة وَالْعين فِي أصل بنائِهِ إلاّ عِنْدأوة وإمَّعة وعَبَاء وعفاء وعماء. فأمّا عظاءة فَهِيَ لُغَة فِي عظاية، وإعاء لُغَة فِي وعَاء.

وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: نَاقَة عندأوة، وقِنْدأوة، وسِنْدأوة أَي جريئة. قَالَ وَمعنى قَوْلهم: إِن تَحت طِرِّيقتك لعندأوة يُقَال ذَلِك للسِّكِّيت الداهي. وَقَالَ اللحياني: العنداوة: الْمَكْر والخديعة وَلم يهمزه. وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال ذَلِك للمُطْرق الَّذِي يَأْتِي بداهية. قَالَ: والعنداوة أدهى الدَّوَاهِي.

دَعَا: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَادْعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (البَقَرَة: ٢٣) قَالَ أَبُو إِسْحَاق يَقُول: ادعوا مَن استدعيتم طَاعَته، ورجوتم معونته فِي الْإِتْيَان بِسُورَة مثله. وَقَالَ الْفراء {وَادْعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ} يُرِيد: آلِهَتهم. يَقُول: استغيثوا بهم. وَهُوَ كَقَوْلِك للرجل: إِذا لقِيت العدوّ خَالِيا فَادع الْمُسلمين، وَمَعْنَاهُ استغث بِالْمُسْلِمين. فالدعاء هَاهُنَا بِمَعْنى الاستغاثة. وَقد يكون الدُّعَاء عبَادَة؛ وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} (الأعرَاف: ١٩٤) أَي الَّذين تَعْبدُونَ من دون الله. وَقَوله بعد ذَلِك: {فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ} (الأعرَاف: ١٩٤) يَقُول: ادعوهُمْ فِي النَّوَازِل الَّتِي تنزل بكم إِن كَانُوا آلِهَة تَقولُونَ، يجيبوا دعاءكم. فَإِن دعوتموهم فَلم يجيبوكم فَأنْتم كاذبون أَنهم آلِهَة. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (البَقَرَة: ١٨٦) يَعْنِي الدُّعَاء لله على ثَلَاثَة أضْرب. فَضرب مِنْهَا توحيده وَالثنَاء عَلَيْهِ؛ كَقَوْلِك: ياالله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، وكقولك: ربّنا لَك الْحَمد، إِذا قلته فقد دَعوته بِقَوْلِك ربّنا، ثمَّ أتيت بالثناء والتوحيد. وَمثله قَوْله تَعَالَى: {يُؤْمِنُونَ وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

١٧٦٤ - أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ} (غَافِر: ٦٠) . الْآيَة فَهَذَا الضَّرْب من الدُّعَاء. وَالضَّرْب الثَّانِي مَسْأَلَة الله العفوَ وَالرَّحْمَة وَمَا يقرِّب مِنْهُ، كَقَوْلِك: اللَّهُمَّ اغْفِر لنا. وَالضَّرْب الثَّالِث مَسْأَلته الحظُّ من الدُّنْيَا، كَقَوْلِك: اللَّهم ارزقني مَالا وَولدا. وَإِنَّمَا سمى هَذَا أجمعُ دُعَاء لِأَن الْإِنْسَان يصدّر فِي هَذِه الْأَشْيَاء بقوله: يَا الله يَا ربّ يَا رحمان. فَلذَلِك سُمّي دُعَاء. وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَآءَهُم بَأْسُنَآ إِلَا أَن قَالُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

١٧٦٤ - اْ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} (الأعرَاف: ٥) الْمَعْنى أَنهم لم يحصلوا ممّا كَانُوا ينتحلونه من الْمَذْهَب وَالدّين وَمَا يدَّعونه إلَاّ على الِاعْتِرَاف بِأَنَّهُم كَانُوا ظالمين. وَهَذَا كُله قَول أبي إِسْحَاق. وَالدَّعْوَى: اسْم لما تدّعيه. وَالدَّعْوَى تصلح أَن تكون فِي معنى الدُّعَاء، لَو قلت: اللَّهُمَّ أشركنا فِي صَالح دُعَاء الْمُسلمين وَدَعوى الْمُسلمين جَازَ، حكى ذَلِك سيوبيه، وَأنْشد:

<<  <  ج: ص:  >  >>