للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِمَا} لتحليل مَا حرَّموا، فقد عَادوا فِيهِ.

وروى الزّجاج عَن الْأَخْفَش أَنه جعل (لما قَالُوا) من صلَة (فَتَحْرِير رَقَبَة) فَالْمَعْنى عِنْده: وَالَّذين يظاهرون من نِسَائِهِم ثمَّ يعودون فَتَحْرِير رَقَبَة لما قَالُوا. قَالَ: وَهَذَا مَذْهَب حسن.

وَقَالَ الشَّافِعِي فِي قَوْله: {غَفُورٌ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} يَقُول: إِذا ظَاهر مِنْهَا فَهُوَ تَحْرِيم، كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَفْعَلُونَهُ، وحُرّم على الْمُسلمين تحريمُ النِّسَاء بِهَذَا اللَّفْظ. فَإِن اتبع الْمظَاهر الظِّهَار طَلَاقا فَهُوَ تَحْرِيم أهل الْإِسْلَام، وَسَقَطت عَنهُ الكفَّارة. وَإِن لم يُتبع الظِّهَار طَلَاقا فقد عَاد لما حَرَّم وَلَزِمتهُ الكفّارة عُقُوبَة لما قَالَ. قَالَ: وَكَانَ تَحْرِيمه إيّاها بالظهار قولا، فَإِذا لم يطلِّقها فقد عَاد لما قَالَ من التَّحْرِيم.

وَقَالَ بَعضهم: مَعْنَاهُ: وَالَّذين يظاهرون مِنْكُم من نِسَائِهِم أَي كَانُوا يظاهرون قبل نزُول الْآيَة ثمَّ يعودون للظهار فِي الْإِسْلَام فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة، فَأوجب عَلَيْهِ الكفّارة بالظهار.

وَقَالَ بَعضهم: إِذا أَرَادَ الْعود إِلَيْهَا وَالْإِقَامَة عَلَيْهَا مَسّ أَو لم يمسّ كفّر.

وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {كَانُواْ يَعْمَلُونَ إِنَّ الَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

١٧٦٤ - أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِى} (القَصَص: ٨٥) .

قَالَ الْحسن: معاده الْآخِرَة. وَقَالَ مُجَاهِد: يُحييه يَوْم الْبَعْث. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: {لرادّك إِلَى مَعَاد إِلَى مَعدِنك من الجنّة. وَقَالَ بَعضهم: إِلَى معاد إِلَى مَكَّة. وَقَالَ الْفراء: لرادّك إِلَى معاد حَيْثُ وُلدت. قَالَ: وَذكروا أَن جِبْرِيل قَالَ: يَا مُحَمَّد أَشْتَقْتَ إِلَى مولدك ووطنك؟ قَالَ: نعم. فَقَالَ: إِن الَّذِي فرض عَلَيْك الْقُرْآن لرادك إِلَى معاد. قَالَ والمَعَاد هَهُنَا: إِلَى عادتك حَيْثُ ولدت وَلَيْسَ من الْعود. وَقد يكون أَن تجْعَل قَوْله: لرادك إِلَى معاد لمُصَيِّرُكَ إِلَى أَن تعود إِلَى مَكَّة مَفْتُوحَة لَك فَيكون الْمعَاد تَعَجبا إِلَى معاد أَيَّما معاد لما وعده من فتح مكّة.

وَقَالَ اللَّيْث: المَعَادة والمَعَاد كَقَوْلِك لآل فلَان معادة أَي مُصِيبَة يَغْشَاهُم النَّاس فِي مناوح أَو غَيرهَا يتَكَلَّم بهَا النِّسَاء. يُقَال: خرجت إِلَى الْمُعَادَة والمعاود: المآتم. والمعاد. كل شَيْء إِلَيْهِ الْمصير. قَالَ: وَالْآخِرَة قَالَ: وَالْآخِرَة مَعَاد للنَّاس. وَأكْثر التَّفْسِير فِي قَوْله لرادك إِلَى معاد لباعثك، وعَلى هَذَا كَلَام النَّاس: اذكر الْمعَاد أَي اذكر مبعثك فِي الْآخِرَة قَالَه الزّجاج.

وَقَالَ ثَعْلَب: الْمعَاد: الْموعد. قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: إِلَى أصلك من بني هَاشم. وَقَالَت طَائِفَة وَعَلِيهِ الْعَمَل معاد أَي إِلَى الْجنَّة.

وَمن صِفَات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: المبدىء المعيد: بَدَأَ الله الْخلق أَحيَاء ثمَّ يميتهم ثمَّ يحييهم كَمَا كَانُوا. قَالَ الله جلّ وعزّ: {لَّهُ قَانِتُونَ وَهُوَ الَّذِى يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ} (الرُّوم: ٢٧) . وَقَالَ: {لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ} (البروج: ١٣) بَدَأَ وأبدأ بِمَعْنى وَاحِد.

<<  <  ج: ص:  >  >>