النَّاس بعضِهم بَعْضًا فِي السّير.
وَقَالَ ابْن بزرج: فرس وديع ومُوَدَّعٌ وَمَوْدوع.
وَقَالَ ذُو الإصبع العَدْواني:
أقصُر من قَيده وأُودعه
حَتَّى إِذا السَرْب ريع أَو فَزعًا
قَالَ وَقَالُوا: ودُع الرجلُ من الْوَدِيع. قَالَ وودَعت الثَّوْب بِالثَّوْبِ وَأَنا أدَعه مخفّف.
وَقَالَ أَبُو زيد المِيدع كل ثوب جعلته مِيدعاً لثوب جَدِيد، تودِّعه بِهِ أَي تصونه بِهِ.
وَيُقَال مِيداعة وَجمع الميدع موادع.
وَقَالَ اللحياني: ميدع الْمَرْأَة مِيدَعتها: الَّتِي تودّع بِهِ ثِيَابهَا. وَقَول عَدِيّ:
كَلاّ يَمِينا بِذَات الوَدْع لَو حَلَفت
فِيكُم وقابل قبرُ الْمَاجِد الزارا
قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: يُرِيد بِذَات الوَدْع: سفينة نوح يحلف بهَا. وَقَالَ أَبُو نصر: ذَات الوَدْع: مكّة؛ لِأَنَّهُ كَانَ يعلّق عَلَيْهَا فِي سِتْرها الوَدْع. قَالَ: وَيُقَال أَرَادَ بِذَات الوَدْع الْأَوْثَان.
وتوديع الْمُسَافِر أَهله إِذا أَرَادَ سفرا: تخليفُه إيَّاهُم خافضين وادعين، وهم يودّعونه إِذا سَافر تفاؤلاً بالدعة الَّتِي يصير إِلَيْهَا إِذا قَفَلَ وَيُقَال وَدَعته بِالتَّخْفِيفِ فودَع وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
وسِرْتُ المطيَّة مودعةً
تُضَحِّي رويداً وتُمسي زُزَيفا
وَهُوَ من قَوْلهم فرس وديع ومودِع ومُودَع.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: المِيدَع: الثَّوْب الَّذِي تبتذله، وتودِّع بِهِ ثِيَاب الْحُقُوق ليَوْم الحَفْل. قَالَ: وَإِنَّمَا يُتخذ المِيدع ليودع بِهِ المَصُون. وَيُقَال للثوب الَّذِي يُبتذل: مِبذَل ومِيدع، ومِعْوز ومِفْضَل. وَقَالَ الشَّاعِر:
أقدّمه قُدَّام وَجْهي واتّقي
بِهِ الشرّ إِن الصُّوف للخزّ مِيدع
وَقَالَ شمر: التوديع يكون للحيّ وللميت. وَأنْشد بَيت لَبيد:
فودِّعْ بِالسَّلَامِ أَبَا حُرَيْز
وقلّ وداعُ أربدَ بِالسَّلَامِ
قلت أَنا: والتوديع وَإِن كَانَ الأَصْل فِيهِ تخليفَ الْمُسَافِر أَهله وَذَوِيهِ وادعين فَإِن الْعَرَب تضعه مَوضِع التَّحِيَّة وَالسَّلَام، لِأَنَّهُ إِذا خلَّف أَهله دَعَا لَهُم بالسلامة والبقاء، ودعَوا لَهُ بِمثل ذَلِك؛ أَلا ترى لبيداً قَالَ فِي أَخِيه وَقد مَاتَ: فودع بِالسَّلَامِ أَبَا حُريز. أَرَادَ الدُّعَاء لَهُ بِالسَّلَامِ بعد مَوته، وَقد رثاه لبيد بِهَذَا الشّعْر وودّعه توديع الحيّ إِذا سَافر. وَجَائِز أَن يكون التوديع تَركه إِيَّاه فِي الخَفْض والدعة.
وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي قَالَ: (لينتهينّ أَقوام عَن وَدْعهم الْجُمُعَات أَو ليُختمنّ على قُلُوبهم ثمَّ ليكتُبنّ من الغافلين) . قَالَ شمر: معنى وَدْعهم الْجُمُعَات: تَركهم إيَّاها، من وَدَعته وَدْعاً إِذا تركته. قَالَ: وَزَعَمت النحوية أَن الْعَرَب أماتوا مصدر يدع ويذر، واعتمدوا على التّرْك. قَالَ شمر: وَالنَّبِيّ أفْصح الْعَرَب وَقد رُويت عَنهُ هَذِه الْكَلِمَة. ورَوَى شمر عَن محَارب: ودّعت فلَانا من وَداع