قلت: قَوْله يعَار إِلَيْهَا الْفَحْل محَال. وَمعنى بَيت الرَّاعِي هَذَا أَنه وصف نَجَائِب لَا يُرْسل فِيهَا الْفَحْل ضِنّاً بِطرقها، وإبقاء لقوَّتها على السّير؛ لِأَن لقاحها يُذهب مُنَّتها. وَإِذا كَانَت عائطاً فَهُوَ أبقى لسيرها، وأقلّ لتعبها. وَمعنى قَوْله إلاّ يعارة يَقُول: لَا تَلْقح إلاّ أَن يُفْلِت فَحل من إبل أُخْرَى فيعير ويضربها فِي عَيْرانه.
وَكَذَلِكَ قَالَ الطرماح فِي نجيبة حَمَلت يَعَارة:
سَوف تدنيك من لميسٍ سبنتا
ة أمارت بالبول مَاء الكراض
أنضجته عشْرين يَوْمًا ونِيلت
حِين نيلت يَعَارة فِي عراض
أَرَادَ أَن الْفَحْل ضربهَا يعارة فَلَمَّا مضى عَلَيْهَا عشرُون لَيْلَة من يَوْم طرقها الْفَحْل أَلْقَت ذَلِك المَاء الَّذِي كَانَت عقدت عَلَيْهِ، فَبَقيت مُنّتها كَمَا كَانَت.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: معنى اليَعَارة أَن النَّاقة إِذا امْتنعت على الْفَحْل عارت مِنْهُ أَي نفرت تعار فيعارضها الْفَحْل فِي عَدْوها حَتَّى ينالها فيستنيخها ويضربها. قَالَ: وَقَوله: (يَعارة) إِنَّمَا يُرِيد عائرة فَجعل يعارة اسْما لَهَا وَزَاد فِيهِ الْهَاء وَكَانَ حَقه أَن يُقَال: عارت تعير، فَقَالَ: يعار لدُخُول أحد حُرُوف الْحلق فِيهِ. قَالَ والعَيَّار الَّذِي ينفر، يَجِيء وَيذْهب فِي الأَرْض وَفرس عَيّار: نافر ذَاهِب فِي الأَرْض.
ومِن، بَاب عور رَوَى أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي يُقَال: رجل مُعْور، وزقاق مُعْور، والعامة تَقول: معوز: وَلَا يُقَال ذَلِك. قَالَ: وَيُقَال للشَّيْء الضائع البادي الْعَوْرَة أَيْضا: مُعْوِر. قَالَ أَبُو حَاتِم: قَالَ أَبُو زيد: تَقول الْعَرَب: مَا يُعْوز لَهُ شَيْء بالزاي إلَاّ أَخذه؛ كَقَوْلِهِم مَا يَطِفّ لَهُ شَيْء وَلَا يوهِف لَهُ شَيْء إِلَّا أَخذه. قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: صحَّف أَبُو زيد. قَالَ وَتَفْسِيره أَنه لَيْسَ يرى شَيْئا لَا حَافظ لَهُ إلَاّ أَخذه لَا يتحرج. قَالَ: وَمثل من أمثالهم: لَيست كل عَورَة تصاب. يَقُول: لَيْسَ كل خَال من الْحفاظ يُؤْخَذ، رُبما غُفِل عَنهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: وَالَّذِي قَالَه أَبُو زيد فِيمَا زعم مَشْهُور عِنْد الْعَرَب مَا يعوز لَهُ شَيْء إلاّ ذهب بِهِ مثل مَا يوهف.
يرع: قَالَ ابْن دُرَيْد: اليَرُوع لُغَة مَرْغُوب عَنْهَا لأهل الشِّحر؛ كَانَ تَفْسِيرهَا: الرُعْب والفزع.
وَقَالَ اللَّيْث وَغَيره: اليَرَاع: القَصَب، الْوَاحِدَة يَرَاعة. قَالَ: القصبة الَّتِي ينْفخ فِيهَا الرَّاعِي تسمى اليراعة. وَأنْشد:
أحِنُّ إِلَى ليلى وَإِن شَطّت النَوَى
بليلى كَمَا خَنّ اليراع المثقَّب
وَيُقَال للرجل الجبان: يراع ويراعة. قَالَ: واليَرَاع كالبعوض يَغشى الْوَجْه، الْوَاحِدَة يراعة. قَالَ عَمْرو بن بَحر: نَار اليراعة قيل هِيَ نَار أبي حُباحب، وَهِي شَبيهَة بِنَار الْبَرْق. قَالَ: واليراعة: طَائِر صَغِير، إِن طَار بِالنَّهَارِ كَانَ كبعض الطير، وَإِن طَار بِاللَّيْلِ فَكَأَنَّهُ شهَاب قُذف، أَو مِصْبَاح يطير. وَأنْشد:
أَو طَائِر يدعى اليراعة إِذْ تُرى