للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَعْنى وَمِنْه قَوْلهم:

إياكِ أَعنِي واسمعي يَا جارهْ

وَتقول عنيتك بِكَذَا وَكَذَا عِنِيّا، والعَناء الِاسْم وَيُقَال عَنيت وتعنّيت كل يُقَال.

شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: عَنَّا عَلَيْهِ الْأَمر أَي شقّ عَلَيْهِ.

وَأنْشد قَول مزرِّد:

وشقّ على لعرىء وعنا عَلَيْهِ

تكاليف الَّذِي لن يستطيعا

وَيُقَال: عُني بالشَّيْء فَهُوَ مَعْنِيّ بِهِ، وأعنيته وعنَّيته بِمَعْنى وَاحِد. وَأنْشد:

وَلم أَخْلُ فِي قَفْر وَلم أُوفِ مَرْبأ

يَفَاعا وَلم أُعن المطِيّ النواجيا

قَالَ: وعنّيته: حَبسته حبسا طَويلا، وكل حبس طَوِيل فَهُوَ تعنية.

وَمِنْه قَول عُقْبة:

قطعتَ الدَّهْر كالسَدِم المعنّي

تُهَدِّرُ فِي دمشق وَمَا تريم

وَيُقَال: لقِيت من فلَان عَنْية وَعَنَاء أَي تَعَباً.

أَبُو عبيد عَن الْفراء: مَا يَعْنَى فِيهِ الأكلُ أَي مَا ينجَع. وَقد عَنَى أَي نجع، هَكَذَا رُوِي لنا عَن أبي عبيد عَنَى يَعْنَى.

وروَاه ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الْفراء: شرب اللَّبن شهرا فَلم يَعْنَ فِيهِ كَقَوْلِك: لم يُغنِ عَنهُ شَيْئا وَقد عَنِيَ يَعْنَى عُنِيّاً بِكَسْر النُّون من عَنِيَ.

قلت: وَالصَّوَاب مَا رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس، وَهُوَ قِيَاس كَلَام الْعَرَب. وَمن أمثالهم عَنِيَّتُه تشفى الجرب يضْرب مثلا للرجل الْجيد الرَّأْي. وأصل العنِيَّة فِيمَا روى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي أَبوال الْإِبِل يُؤْخَذ مَعهَا أَخلاط فتُخلط، ثمَّ تُحبس زَمَانا فِي الشَّمْس، ثمَّ يُعالج بهَا الْإِبِل الْجَرْبَى، سُمِّيت عَنِيَّة من التعنية وَهُوَ الْحَبْس وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عَمْرو.

أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: عَنَّا يعنو إِذا أَخذ الشَّيْء قهرا، وعنا يعنو عَنْوة فيهمَا إِذا أَخذ الشَّيْء صلحا بإكرام ورفق.

وَقَالَ اللَّيْث: عناني هَذَا الْأَمر يَعْنيني عِناية فَأَنا معنِيّ بِهِ، وَقد اعتنيت بأَمْره. قَالَ: وَمعنى كل شَيْء محنته وحاله الَّتِي يصير إِلَيْهَا أمره.

وأَخبرني الْمُنْذِرِيّ عَن أَحْمد بن يحيى قَالَ: المَعْنى وَالتَّفْسِير والتأويل وَاحِد.

وَقَالَ اللَّيْث: المُعنَّى كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة إِذا بلغت إبل الرجل مائَة عَمدُوا إِلَى الْبَعِير الَّذِي أَمْأت بِهِ إبِله فأغلقوا ظَهره لِئَلَّا يركب وَلَا ينْتَفع بظهره؛ ليعلم أَن صَاحبهَا مُمْء وإغلاق ظَهره أَن يُنزع مِنْهُ سَنَاسِنُ من فِقرته ويعقر سنامه. وَقَالَ فِي قَول الفرزدق:

غلبتك بالمفقّىء والمُعَنِّي

وبيتِ المحتبِي والخافقات

قَالَ أَرَادَ بالمفقِّىء بَيته:

فلستَ وَلَو فقَّأت عَيْنَيْك واجدا

أبالك إِذْ عُدَّ المساعي كدارم

وَأَرَادَ بالمعنِّي قَوْله:

تَعَنَّى يَا جرير لغير شَيْء

<<  <  ج: ص:  >  >>