وَقَالَ اللَّيْث: حَدّ كل شَيْء طَرَف شَباتِه، كَحَد السنان وحدّ السَّيْف، وَهو مَا دَقّ من شَفْرته، وَيُقَال حَدَّ السَّيْف واحتدّ فَهُوَ حاد حَدِيد، وأحددته. واستحدّ الرجلُ، واحتد الرجل حدّة فَهُوَ حَدِيد.
قلت: والمسموع فِي حِدّة الرجل وطيشِه: احتدّ، وَلم أسمع فِيهِ استحدّ إِنَّمَا يُقَال استحد واستعان إِذا حَلَق عانته.
وحدود الله: هِيَ الْأَشْيَاء الَّتِي بَيّن تَحْرِيمهَا وتحليلها، وَأمر أَلا يُتعدّى شَيْء مِنْهَا، فيُجاوَز إِلَى غير مَا أَمر فِيهَا أَو نهى عَنهُ مِنْهَا.
والحَدّ حَدّ الزَّانِي وحدّ الْقَاذِف وَنَحْوه مِمَّا يُقَام على من أَتَى الزِّنَى أَو الْقَذْف أَو تعاطى السّرقَة.
قلت فحدود الله ضَرْبَان؛ ضرب مِنْهَا حُدُود حدّها للنَّاس فِي مطاعمهم ومشاربهم ومناكحهم وَغَيرهَا، وَأمر بالانتهاء عَمَّا نهى عَنهُ مِنْهَا وَنهى عَن تعدّيها. وَالضَّرْب الثَّانِي عقوبات جُعلت لمن رَكب مَا نهي عَنهُ، كحدّ السَّارِق وَهُوَ قطع يَمِينه فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا، وكحدّ الزَّانِي الْبكر، وَهُوَ جلد مائَة وتغريب عَام، وحدُّ المحصَن إِذا زَنَى الرَّجْم. وحدّ الْقَاذِف ثَمَانُون جلدَة. سميت حدوداً لِأَنَّهَا تَحُد أَي تمنع من إتْيَان مَا جُعلت عقوبات فِيهَا. وَسميت الأولى حدوداً لِأَنَّهَا نهايات نهى الله عَن تعدّيها.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَدّ الصّرْف عَن الشَّيْء من الْخَيْر والشرّ. وَتقول للرامي: اللَّهُمَّ احدده أَي لَا توفّقه للإصابة.
وَتقول: حَدَدت فلَانا عَن الشرّ أيْ منعته. وَمِنْه قَول النَّابِغَة:
إِلَّا سُلَيْمَان إِذْ قَالَ الإلاه لَهُ
قُم للبريّة فاحدُدها عَن الفَنَد
وَقَالَ اللَّيْث وَغَيره: الحُدّ: الرجل الْمَحْدُود عَن الْخَيْر.
قلت: الْمَحْدُود المحروم. وَلم أسمع فِيهِ رجل حُدٌّ لغير اللَّيْث. وَهُوَ مثل قَوْلهم رجل جُدّ إِذا كَانَ مجدوداً.
وَقَالَ اللَّيْث: حدّ الْخمر وَالشرَاب صلابته وَقَالَ الْأَعْشَى:
وكأس كعين الديك باشرت حَدّها
بفتيان صدق والنواقيس تُضرب
قَالَ والحدّ بَأْس الرجل ونفاذه فِي نجدته، يُقَال: إِنَّه لذُو حدّ. وَقَالَ العجاج:
أم كَيفَ حدَّ مُضَر القِطْيَمُ
وَالْحَدِيد مَعْرُوف، وصانعه الحدّاد. وَيُقَال: ضربه بحديدة فِي يَده.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الحَدَّة: الغضبة.
وَقَالَ أَبُو زيد: تحدَّد بهم أَي تحرش بهم.
وَقَالَ اللَّيْث: أحدَّت الْمَرْأَة على زَوجهَا فَهِيَ مُحِدّ، وحَدَّت على زَوجهَا، وَهُوَ تسلُّبها على زَوجهَا.
وَفِي الحَدِيث: (لَا يحل لأحد أَن يُحِدَّ على ميت أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام، إِلَّا الْمَرْأَة على زَوجهَا، فَإِنَّهَا تُحد أَرْبَعَة أشهر وَعشرا) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: إحداد الْمَرْأَة على زَوجهَا