يُقَال: مِنْهُم الْكلاب السود البُهم. يُقَال: كلب حِنّي.
ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الحِنّ: كلاب الجنّ. رُوي ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس. وَقَالَ غَيره، هم سَفِلة الْجِنّ.
عَمْرو عَن أَبِيه المحنون: الَّذِي يُصرع ثمَّ يُفيق زَمَانا.
وَقَالَ اللَّيْث: حنين النَّاقة على مَعْنيين. حنينها: صوتُها إِذا اشتاقت إِلَى وَلَدهَا. وحنينها نزاعها إِلَى وَلَدهَا من غير صَوت. وَقَالَ رؤبة:
حَنَّتْ قَلوصِي أمس بالأُرْدُنّ
حِنِّي فَمَا ظُلِّمت أَن تحنِيّ
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي فِي أصل أسطوانة جِذْع فِي مَسْجده، ثمَّ تحوّل إِلَى أصلِ أُخْرَى، فحنّت إِلَيْهِ الأولى، ومالت نَحوه حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهَا، فاحتضنها فسكنت.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال للسهم الَّذِي يصوّت إِذا نَفَّزْتَه بَين إصبعيك: حَنَّان. وَأنْشد قَول الْكُمَيْت:
فاستل أهزع حنّانا يعلّله
عندالإدامة حَتَّى يرنو الطرِب
إدامته: تنفيزه. يعلّله: يغنّيه بِصَوْتِهِ. حَتَّى يرنو لَهُ الطَّرب: يستمع إِلَيْهِ وَينظر متعجّباً من حسنه. قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: والحَنّان الَّذِي يحِنّ إِلَى الشَّيْء.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الحَنّان من أَسمَاء الله بتَشْديد النُّون بِمَعْنى الرَّحِيم.
قَالَ: والحَنَان بِالتَّخْفِيفِ: الرَّحْمَة. قَالَ: والحَنَان: الرزق، والحَنَان: الْبركَة. والحَنَان الهيبة، والحَنَان: الْوَقار.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: مَا نرى لَك حَنَاناً أَي هَيْبَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَنَان: الرَّحْمَة، وَالْفِعْل التحنُّن. قَالَ: وَالله الحَنَّان المنَّان الرَّحِيم بعباده وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا} (مريَم: ١٣) أَي رَحْمَة من لدنا.
قلت: والحَنَّان من أَسمَاء الله تَعَالَى، جَاءَ على فعّال بتَشْديد النُّون صَحِيح. وَكَانَ بعض مشيايخنا أنكر التَّشْدِيد فِيهِ؛ لِأَنَّهُ ذهب بِهِ إِلَى الحنين، فاستوحش أَن يكون الحنين من صِفَات الله تَعَالَى، وَإِنَّمَا معنى الحنّان: الرَّحِيم من الحَنَان وَهُوَ الرَّحْمَة.
وَقَالَ شمر الحَنِين بمعنيين. يكون بِمَعْنى النِزاع والشوق من غير صَوت، وَيكون الصوتَ مَعَ النزاع والشوق. يُقَال: حنّ قلبِي إِلَيْهِ، فَهَذَا نزاع واشتياق من غير صَوت، وحَنَّت النَّاقة إِلَى أُلَاّفها فَهَذَا صَوت مَعَ نِزاع. وَكَذَلِكَ حَنَّت إِلَى وَلَدهَا. وَقَالَ الشَّاعِر:
يعارضْن مِلواحا كَأَن حنينها
قبيل انفتاق الصُّبْح تَرْجِيع زامر
وَأما قَوْلهم: حنانك وحنانيك فَإِن اللَّيْث قَالَ: حنانيك يَا فلَان افْعَل كَذَا أَو لَا تفعل كَذَا تذكّره الرَّحْمَة والبِرّ. وَقَالَ طرفَة:
حنانيك بعض الشَّرّ أَهْون من بعض
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَواةً وَكَانَ} (مَرْيَم: ١٢، ١٣)