وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {? لنَّجْدَينِ فَلَا ? قتَحَمَ} (البَلَد: ١١) ثمَّ فسر اقْتِحَامَها فَقَالَ: (فَكَّ رَقَبة أَو أَطْعَمَ) . وقرىء: {? لْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ} (الْبَلَد: ١٣، ١٤) وَمعنى فَلَا اقْتَحَمَ العَقَبة أَي فَلَا هُوَ اقتحم الْعقبَة، وَالْعرب إِذا نفت بِلَا فعلا كررتها كَقَوْلِه: {? لْمَسَاقُ فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى ?} (القِيَامَة: ٣١) وَلم يُكَرِّرْها هَاهُنَا: لِأَنَّهُ أضمر لَهَا فعلا دلّ عَلَيْهِ سِيَاق الْكَلَام كَأَنَّهُ قَالَ: فَلَا آمَنَ وَلَا اقْتَحَم العَقَبَة، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله: {مَتْرَبَةٍ ثُمَّ كَانَ مِنَ ? لَّذِينَ} (الْبَلَد: ١٧) . وَيُقَال: تَقَحَّمَتْ بفلان دابَّتُه وَذَلِكَ إِذا نَدَّتْ بِهِ فَلم يضْبط رَأسهَا، فَرُبمَا طوَّحت بِهِ فِي وهْدَة أَو وَقَصَتْ بِهِ. وَقَالَ الراجز: أقُولُ والنَّاقةُ بِي تَقَحّمُ وَأَنا مِنْهَا مُكْلَئِزٌّ مُعْصِم ويحَكِ مَا اسمُ أُمِّها يَا عَلْكَمُ يُقَال: إِن النَّاقة إِذا تَقَحَّمَتْ براكبها نادَّةً لَا يضبِط رأسَها إِنَّه إِذا سَمّى أُمَّها وقَفَت وعَلْكَم اسْم نَاقَة. وَفِي حَدِيث عليّ ح أَنه وكَّل عبد الله بن جَعْفَر بالخُصُومة وَقَالَ: (إنَّ للخصومة قُحَماً) . قَالَ اللَّيْث: القُحَمُ: العِظامُ من الْأُمُور الَّتِي لَا يَرْكَبُها كلُّ أَحَد، والواحدة قُحْمَة. وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زيد الكلابيُّ: القُحَم: المهالك. قَالَ أَبُو عُبيد: وأصلهُ من التقحم. قَالَ: وَمِنْه قُحْمَةُ الْأَعْرَاب، وَهُوَ أَن تُصيبَهم السَّنَةُ فتُهلكهم، فَذَلِك تَقَحُّمها عَلَيْهِم أَو تَقَحُّمُهُم بلادَ الرِّيفِ. وَقَالَ ذُو الرُّمَّة يصف الْإِبِل وَشدَّة مَا تلقى من السّير حَتَّى تُجْهِضَ أَوْلَادهَا: يُطْرِّحْنَ بالأولاد أَو يَلْتَزِمْنَها عَلَى قُحَمٍ بَين الفَلَا والمَنَاهِلِ وَقَالَ شمر: كلُّ شاقَ صَعب من الْأُمُور المُعضِلة والحُروب والدُّيون فَهِيَ قُحَمٌ. وَأنْشد لرؤبة: من قُحَم الدَّين وزُهْدِ الأرفاد قَالَ: قُحَمُ الدَّيْنِ: كثرته ومَشَقَّتُه. قَالَ ساعِدَةُ بن جُؤَيَّة: والشيبُ داءٌ نجيسٌ لَا دَوَاء بِهِ للمرء كَانَ صَحِيحا صائبَ القُحَم يَقُول: إِذا تقَحَّمَ فِي أَمر لم يطش وَلم يخطىء، قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: قومٌ إِذا حَاربُوا فِي حربهم قُحَمُ قَالَ: إقدامٌ وجرأةٌ وتقحُّم، وَقَالَ فِي قَوْله: (معنْ سَرَّه أَنْ يَتَقَحَّم جراثيمَ جَهَنَّم فَلْيَقْضِ فِي الحدِّ) . قَالَ شمر: التَّقَحُّم: التقدُّم والوقُوع فِي أُهْوِيَّة وشِدَّة بِغَيْر رَوِيَّة وَلَا تَثَبُّت. وَقَالَ العجَّاج: إذَا كَلَى واقْتُحم المَكْلِيُّ يَقُول: صُرِع الَّذِي أُصيبت كُلْيَتُه. قَالَ: واقْتَحَم النَّجْمُ إِذا غَابَ وَسقط. وَقَالَ ابْن أَحْمَر: أُراقبُ النَّجْم كَأَنِّي مُولَع بحيثُ يجْرِي النجمُ حَتَّى يَقْتَحم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute