للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِعال المَسْكُوتُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: عِظَام وعِظَامَهُ ونِقادٌ ونِقَادَة، وَقَالُوا: فِحَالَة وحِبَالَة وذِكَارةٌ وذُكورَةٌ وفُحُولَةٌ وحُمُولَةٌ، قلتُ: وَهَذَا هُوَ العِلّةُ الَّتِي عَلَّلَها النحويون، فأَمّا الِاسْتِحْسَان الَّذِي شَبَّهَه بالاستحسان فِي الْفِقْه فَإِنَّهُ بَاطل.

وَيُقَال: رُمِي فلانٌ بِحجر الأَرْض إِذا رُمِي بِداهِيَة من الرِّجَال، ويُرْوَى عَن الأحْنَفِ بن قيس أَنه قَالَ لعَلي ح حِين سَمَّى مُعاوِيَةُ أحدَ الْحكمَيْنِ عَمْرو بن الْعَاصِ: إِنَّك قد رُمِيت بِحجر الأَرْض فَاجْعَلْ مَعَه ابْن عَبَّاس فَإِنَّهُ لَا يَعْقِد عُقْدَةً إِلَّا حَلَّها.

وَقَالَ اللَّيْث: الحِجْر: حَطِيم مَكَّة كَأَنَّهُ حُجْرة مِمَّا يَلِي المَثْعَبَ من الْبَيْت.

قَالَ: وحِجْرٌ: مَوضِع ثَمُود الَّذِي كَانُوا ينزلونه.

قَالَ: وقَصَبَةُ الْيَمَامَة: حجْر بِفَتْح الْحَاء.

قَالَ: والحِجْرُ: اللُّبُّ والعَقْل.

قَالَ: والحِجْرُ والحُجْرُ لُغَتَانِ وَهُوَ الحَرام، قَالَ: وَكَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة يلقى الرجل يخافُه فِي الشَّهْر الْحَرَام فَيَقُول: حِجْراً مَحْجُوراً أَي حرامٌ مُحَرَّم عَلَيْك فِي هَذَا الشَّهْر فَلَا يَنْدَاهُ مِنْهُ شَرّ، قَالَ: فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة رَأَى الْمُشْركُونَ الْمَلَائِكَة فَقَالُوا: حِجْراً مَحْجُوراً، وظنوا أَن ذَلِك يَنْفَعهُمْ عِنْدهم كفعلهم فِي الدُّنْيَا وَأنْشد:

حَتَّى دَعَوْنا بأَرْحامٍ لَهُم سَلَفَتْ

وَقَالَ قائِلهُم إِنِّي بحاجُور

يَعْنِي بمعاذٍ.

يُقَال: أَنا مُسْتَمْسِك بِمَا يعيذني مِنْك ويَحْجُرُك عني، قَالَ: وعَلى قِيَاسه العاثُورُ وَهُوَ المَتْلَفُ.

قلت: أما مَا قَالَه اللَّيْث فِي تَفْسِير قَوْله جلّ وعزّ: {وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً} (الفُرقان: ٢٢) إِنَّه من قَول الْمُشْركين للْمَلَائكَة يَوْم الْقِيَامَة، فَإِن أهل التَّفْسِير الَّذين يُعتمدون مثل ابْن عَبَّاس وَأَصْحَابه فَسَّروه على غير مَا فَسَّرَهُ اللَّيْث، قَالَ ابْن عَبَّاس: هَذَا كُلّه من قَول الْمَلَائِكَة، قَالُوا للْمُشْرِكين: حِجْراً مَحْجُوراً أَي حُجِرَتْ عَلَيْكُم الْبُشْرَى فَلَا تُبَشَّرون بِخَير.

وأَخْبَرني المُنْذِريُّ عَن اليَزِيدِيِّ قَالَ: سمعتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُول فِي قَوْله: وَيَقُولُونَ حِجْراً. . تَم الْكَلَام، قَالَ الْحسن: هَذَا من قَول الْمُجْرمين، فَقَالَ الله: مَحْجُوراً عَلَيْهِم أَن يُعَاذُوا وَأَن يُجارُوا كَمَا كَانُوا يُعَاذُون فِي الدُّنْيَا ويُجارُون، فحجر الله ذَلِك عَلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة.

قَالَ أَبُو حَاتِم: وَقَالَ أحْمَد اللُّؤْلُؤيّ: بلغَني أَنَّ ابْن عَبَّاس قَالَ: هَذَا كُله من قَول الْمَلَائِكَة، قلت: وَهَذَا أَشْبَهُ بِنظْم القُرآن المُنَزَّل بِلِسَان الْعَرَب، وأَحْرَى أَن يكون قولُه: (حِجْراً مَحْجُوراً) كلَاما وَاحِدًا لَا كَلَامَيْن مَعَ إِضْمَار كَلَام لَا دَلِيل عَلَيْهِ، وروى سَلَمَة عَن الفرّاء فِي قَوْله (حِجْراً مَحْجُوراً) أَي حَرَاماً مُحَرَّماً كَمَا تَقول: حَجَر التاجِرُ على غُلَامه، وحَجَر الرجل على أَهْله.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله: {وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً، وقرئت (حُجْرا مَحْجُوراً) بضَمِّ الْحَاء، وَالْمعْنَى وَتقول

<<  <  ج: ص:  >  >>