قَالَ: وَهَذَا مِمّا يُسْتَحَبُّ من الْإِبِل. وَقَالَ اللَّيْث: المِصبَاح من الْإِبِل: مَا يَبْرك فِي مُعَرَّسِه فَلَا يثُور وَإِن أُثيرَ حَتَّى يُصبِح. وَقَالَ اللَّيْث: الصَّبُوحُ: الخَمْرُ، وَأنْشد: وَلَقَد غدوتُ إِلَى الصَّبُوح مَعِي شَرْبٌ كِرَامٌ من بني رُهْمِ والصَّبْحُ: سَقْيُك أَخَاك صَبُوحاً من لبن، قَالَ: والصَّبُوحُ: مَا شُرِبَ بِالْغَدَاةِ فَمَا دون القَائلَة، وفعلك الاصْطِبَاحُ. وَقيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَتى تَحِلّ لنا المَيْتَة؟ فَقَالَ: (مَا لم تَصْطَبِحُوا أَو تَغْتَبِقُوا أَو تَجْتَفِئُوا بَقْلاً فشَأْنَكم بهَا) . قَالَ: أَبُو عُبَيد: مَعْنَاهُ إِنَّمَا لكم مِنْهَا الصَّبُوح، وَهُوَ الْغَدَاء، والغَبُوق وَهُوَ العَشَاء، يَقُول: فَلَيْسَ لكم أَن تجمعوهما من الميْتَة. قَالَ: وَمِنْه قَول سَمُرَة لِبَنِيهِ: يُجزىء من الضَّارُورَةِ صَبُوحٌ أَو غَبُوقٌ. قلت: وَقَالَ غير أبي عُبَيد فِي تَفْسِيره: مَعْنَاهُ: سُئِل مَتى تحل لنا المَيْتَة؟ أجابهم، فَقَالَ: إِذا لم تَجدوا من اللَّبن صَبُوحاً تَتَبَلَّغُونَ بِهِ وَلَا غَبُوقاً تَجْتَزِئُونَ بِهِ، وَلم تَجِدُوا مَعَ عَدَمكم الصَّبُوحَ والغَبُوقَ بَقْلَةً تأكلُونها وتَهْجَأ غَرَثَكم حَلَّت لكم المَيْتَةُ حينئذٍ، وَكَذَلِكَ إِذا وجدَ الرجلُ غَداء أَو عَشَاءً من الطَّعَام لم تحلّ لَهُ. وَهَذَا التَّفْسِير وَاضح بَيِّن الصَّوَاب إِن شَاءَ الله. وَيُقَال: صَبَحْتُ فُلَاناً أَي أَتَيْتُه صباحاً، وَأما قَول بُجَيْر بن زُهَيْر المُزَني وَكَانَ أسلم: صَبَحَناهم بأَلفٍ من سُلَيْمٍ وسَبْعٍ من بني عُثمان وَافي فَمَعْنَاه أَتَيْنَاهم صبَاحاً بِأَلف رجل من سُلَيْم. وَقَالَ الرَّاجز: نَحنُ صَبَحْنَا عامِراً فِي دَارِها جُرْداً تَعَادَى طَرفَيْ نَهَارها يُرِيد أتيناها صباحاً بخيل جُرْدٍ. وَيُقَال: صَبَحْتُ فُلَاناً أَي ناولتُه صَبُوحاً من لَبَنٍ أَو خَمْر أَصْبَحُه صَبْحاً، وَمِنْه قَول طَرَفَة: مَتى تأْتِني أَصْبَحْك كأساً رَوِيَّةً أَي أَسقِيك كَأْساً. وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: أَصْبَحْنا وأَمْسَيْنَا أَي صِرْنا فِي حِين ذَاك، وَأما صَبَّحْنَا ومَسَّيْنا فَمَعْنَاه أَتَيْنَاهُ صَبَاحاً وَمَساءً. وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عدنان: الفرقُ بَين صَبَّحنَا وصَبَحْنَا أَنه يُقَال: صبَّحْنَا بَلَدَ كَذَا وَكَذَا، وصَبَّحْنَا فُلَاناً فَهَذِهِ مُشَدّدَة، وصَبَحْنَا أَهلهَا خَيْراً أَو شَرّاً، وَأنْشد: صَبَحْناهُم هِنْدِيَّةً بأكُفِّنا محرّبةً تذري سَوَاعِدُهُم صُعْدَا وَيُقَال أَيْضا: صَبَّحتُه خيرا أَو شرّاً. وَقَالَ النَّابِغَة: وصَبَّحَه فَلْجاً فَلَا زَالَ كَعْبُه على كل مَنْ عَادَى من النَّاس عَالِيا وَيُقَال: صَبَّحه بِكَذَا ومسّاه بِكَذَا كل ذَلِك جَائِز.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute