للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما بعد (١) فهذا (٢) مختصر (٣) في الفقه (٤) من مقنع الإمام الموفق أبى محمد (٥)، على قول واحد (٦) وهو الراجح في مذهب (٧) أحمد (٨)، وربما حَذَفْتُ منه مسائل نادرة الوقوع وزدت ما على مثله يعتمد (٩) إذ الهمم قد قصرت (١٠)، والأسباب المثبطة عن نيل المراد قد كثرت (١١). ومع صغر حجمه حوى ما يغني عن التطويل (١٢) ولا حول ولا قوة إلا بالله (١٣)، وهو حسبنا ونعم الوكيل (١٤).

(١) (أما بعد) هذه الكلمة يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى غيره، ويستحب الإتيان بها في الخطب والمكاتبات اقتداء به - صلى الله عليه وسلم - فإنه كان يأتي بها في الخطبة وشبهها.

(٢) (فهذا) إشارة إلى ما تصوره في الذهن وأقامه مقام المكتوب المقروء الموجود بالعيان.

(٣) (مختصر) أي موجز، وهو ما قل لفظه وكثر معناه. قال على: خير الكلام ما قل ودل، ولم يطل فيمل. والكلام يختصر ليحفظ، ويطول ليفهم.

(٤) (الفقه) في اللغة الفهم، واصطلاحًا معرفة الأحكام الشرعية الفرعية بالاستدلال بالفعل أو القوة القريية. قال في الحاشية: هي الأهلية لاستخراج الأحكام بالاستدلال، فخرج المقلد اهـ.

(٥) (أبي محمد) شيخ المذهب عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسى، تغمده الله برحمته.

(٦) (على قول واحد) طلبًا للاختصار، والقول يعم ما كان رواية عن الإمام، أو وجهًا للأصحاب. والرواية الحكم المروي عن أحمد في مسألة، والوجه الحكم المنقول في مسألة لبعض الأصحاب المجتهدين ممن رأى الإمام فمن بعدهم جاريًا على قواعد الإمام، وربما كان مخالفًا لقواعده إذ عضده الدليل، والاحتمال في معنى الوجه، إلا أن الوجه مجزوم بالفتيا به، والإحتمال يبين أن ذلك صالح لكونه وجهًا. والتخريج نقل حكم إحدى المسألتين المتشابهتين إلى أخرى ما لم يفرق بينهما أو يقرب الزمن، وهو في معنى الاحتمال.

(٧) (مذهب) أبي عبد الله إمام الأئمة وناصر السنة. والمذهب في اللغة الذهاب أو زمانه أو مكانه، ثم أطلق على ما قاله المجتهد بدليل ومات قائلًا به، وكذا ما جرى مجرى قوله من فعل أو قول ونحوه.

(٨) (أحمد) ابن محمد بن حنبل. فانظر يا ناصح نفسه إلى عز العلم ورفع أهله العاملين به، قال عليه الصلاة والسلام "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم" رواه الترمذي، وقال "من سلك طريقًا يلتمس به علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة" رواه الترمذي.

(٩) (يعتمد) أي يعول عليه، كموافقته الصحيح.

(١٠) (قصرت) تعليل لاختصاره المقنع. والهمم جمع همة، يقال هممت بالشئ إذا أردته.

(١١) (كثرت) لسبق القضاء بأنه "لا يأتى زمان إلا وما بعده شر منه حتى تلقوا ربكم".

(١٢) (ما يغني عن التطويل) لاشتماله على جل المهمات التي يكثر وقوعها، ولو بمفهومه.

(١٣) (لا حول ولا قوة إلا بالله) أي لا تحول من حال إلى حال ولا قوة على ذلك إلا بالله، وقيل لا تحول عن معصية الله إلا بمعونة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بتوفيق الله. والمعنى الأول أجمع وأشمل قاله الشيخ.

(١٤) (الوكيل) جل جلاله المفوض إليه تدبير خلقه والقائم بمصالحهم والحافظ لهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>