للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به أكلًا أم بنَى به بيتًا أم اكتسى به كساءً أم شرب به دواءً، كل هذا داخل في التهديد، وإنما عبر سبحانه وتعالى عن كل هذا بالأكل؛ لأنه كل حال غالب من نزلت فيهم الآية.

قال الله تعالى في حقهم: {لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: ٢٧٥]، والمراد بقوله: {لا يقومون} أي: لا يقومون من قبورهم يوم القيامة، فهذا حال آخذ الربا يوم القيامة إذا قامت القيامة قام من قبره يتخبط يمنة ويسرى، حاله يشبه حال الممسوس تمامًا بتمام، ليكون هذا الوصف علامة ظاهرةً لآكلي الربا يوم القيامة ليعرفهم الناس، فيكون ذلك فضيحة لهم.

ثم بَيَّن سبحانه وتعالى سبب وحشة قيامهم هذا، وقبح حالهم وسوء ما حل بهم فقال سبحانه وتعالى: {ذَالِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥]، أي إن سبب ما حل بهم هو هذه الفلسفة الباطلة التي تعللوا بها، قولهم: {البيع مثل الربا} وهذا ما يتردد على ألسنة المرابين إلى اليوم، يقولون: هذه تجارات، هذه مكاسب، هذه أرباح!

سبحان من نبأنا بحالهم!!

ثم قال ربنا سبحانه وتعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: ٢٧٥].

<<  <   >  >>