للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[قال أبو الفرج بن قدامة]

ولا يجوز شربه (المسكر) للذة ولا للتداوي ولا للعطش ولا غيره إلا أن يضطر إليه لدفع لقمة غص بها فيجوز).

وقال: لا يجوز شربه للذة لما ذكرنا ولا للتداوي بها لذلك، فإن فعل فعليه الحد، وقال أبو حنيفة يباح شربها للتداوي. وللشافعي وجهان كالمذهبين وله وجه ثالث يباح للتداوي دون العطش؛ لأنها حال ضرورة فأبيح فيها كدفع الغصة وسائر ما يضطر إليه، ولنا ما روى الإمام أحمد بسنده عن طارق بن سويد أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: إنما أصنعها للدواء. فقال: «إنها ليس بدواء ولكنه داء» (١). وبإسناد عن مخارق أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل على أم سلمة وقد نبذت نبيذًا في جرة فخرج والنبيذ يهدر فقال: «ما هذا؟» فقالت: فلانة اشتكت بطنها فنقعت لها فدفعه برجله فكسره وقال: «إن الله لم يجعل فيما حرم عليكم شفاء» (٢) ولأنه محرم لعينه فلم يبح للتداوي كلحم الخنزير، وإن شربها للعطش وكانت ممزوجة بما يروي من العطش أبيحت لدفعه عند الضرورة كما تباح الميتة عند المخمصة (٣).


(١) صحيح: وتقدم.
(٢) لا يصح مرفوعًا، تقدم.
(٣) «الشرح الكبير» لابن قدامة (١٠/ ٣٢٩).

<<  <   >  >>