للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[قال ابن قدامة]

لا يخلو بيع الثمرة قبل بدو صلاحها من ثلاثة أقسام:

أحدها: أن يشتريها بشرط التبقية (١)، فلا يصح البيع إجماعًا (٢)؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع. متفق عليه (٣)، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على القول بجملة هذا الحديث.

القسم الثاني: أن يبيعها بشرط القطع في الحال، فيصح بالإجماع؛ لأن المنع إنما كان خوفًا من تلف الثمرة وحدوث العاهة عليها قبل أخذها، بدليل ما روى أنس أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ، فَقِيلَ لَهُ: وَمَا تُزْهِي؟ قَالَ: حَتَّى تَحْمَرَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّه الثَّمَرَةَ، بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟» رواه البخاري (٤)، وهذا مأمون فيما يقطع، فصح بيعه كما لو بدا صلاحه.


(١) أي يشتريها ويتم العقد ثم يتركها في الأرض حتى تنضج فيحصدها.
(٢) وهَّم الحافظ ابن حجر نقل هذا الإجماع في «الفتح»، وذكر القول بالجواز عن يزيد بن ابي حبيب، (٤/ ٤٩٣).
(٣) تقدم ذكره.
(٤) أخرجه البخاري بهذا السياق برقم (٢١٩٨)، بلفظ: «بم تستحل مال أخيك»، (٢٢٠٨).

<<  <   >  >>