للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الدسوقي في حاشيته: وأشار إلى القسم الثالث مخرجًا له من الجواز بقوله: بخلاف قول الآمر: اشترها بعشرة نقدًا وأنا آخذها منك باثنتى عشر لأجل كشهر فلا يجوز لما فيه من سلفٍ جرَّ نفعًا (١).

[المذهب الحنبلي]

قال أبو محمد بن قدامة: فأما بيع العينة فهو أن يبيع سلعة بثمن مؤجل، ثم يشتريها منه بأقل من الثمن حالًا، فلا يجوز لما روى سعيد عن غندر عن شعبة عن أبي إسحاق عن امرأته العالية بنت أيفع بن شرحبيل، قالت: دخلتُ على عائشة أنا وأم ولد زيد بن أرقم، فقالت أم ولد زيد إني بعت غلامًا لزيد بن أرقم بثمان مئة درهم إلى العطاء ثم اشتريته منه بست مئة درهم. فقالت لها: بئس ما شريت، وبئسما اشتريت، أبلغي زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أن يتوب (٢). ولا تقول مثل هذا إلا توقيفًا سَمِعَتْه من


(١) «حاشية الدسوقي» (١١/ ٣٨٢).
(٢) ضعيف: أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (٨/ ١٨٤) من طريق معمر والثوري عن أبي إسحاق عن امرأته أنها دخلت على عائشة في نسوة فسألتها امرأة ..... به، واختلف على أبي إسحاق فتارة يرويه عن امرأته وتارة عن امرأة أبي السفر، كما عند أبي يوسف في «الآثار» (٨٤٣) وتارة يرويه مرسلًا، كما في «مسند الجعد» (٤٥١) ومن طريقه البيهقي في «الكبرى» (٥/ ٣٣٠)، وتابعه على هذا الخبر عن امرأته ولده يونس، كما في «سنن الدارقطني» (٧/ ٣٠٨).
ويضعف أهل العلم هذا الخبر لجهالة امرأة أبي إسحاق التي روى عنها، وللخلاف الوارد على أبي إسحاق، أما طريق يونس فهو أيضًا عن امرأة أبي إسحاق التي أشرنا إلى جهالتها، قال الدارقطني في «السنن» (٧/ ٣٠٨): أم محبة. والعالية مجهولتان لا يُحتج بهما.
قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (٦/ ٢٧٢): وهو خبر لا يثبته أهل العلم بالحديث، ولا هو مما يحتج به عندهم، وامرأة أبي إسحاق وامرأة أبي السفر وأم ولد زيد بن أرقم كلهن غير معروفات بحمل العلم … والحديث منكر اللفظ لا أصل له؛ لأن الأعمال الصالحة لا يحبطها الاجتهاد، وإنما يحبطها الارتداد.
وقال الشافعي في «معرفة السنن» (٤/ ٣٦٨): وجملة هذا أنا لا نُثبت مثله عن عائشة.
هذا وقد حاول تصحيحه ابن الجوزي وابن عبد الهادي وابن القيم، وقولهم لا يقاوم قول من قدمنا من الأئمة.

<<  <   >  >>