للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى معرفة مقادير الأموال، ولا يقصد الانتفاع بعينها، فمتى بِيع بعضها ببعض إلى أجل قُصد بها التجارة التي تناقض مقصود الثمنية، واشتراط الحلول والتقابض فيها هو تكميل لمقصودها من التوصل بها إلى تحصيل المطالب] (١)، [فلو أبيح ربا الفضل في الدراهم والدنانير مثل أن يُعطى صحاحًا ويأخذ مكسرة، أو خفافًا ويأخذ ثقالًا أكثر منها، لصارت متجرًا، وجر ذلك إلى ربا النسيئة فيها ولابد، فالأثمان لا تُقصد لأعيانها بل يُقصد التوصل بها إلى السلع، فإذا صارت في نفسها سلعًا تُقصد لأعيانها فسد الأمر، وهذا معنى معقول يختص بالنقود ولا يتعدى إلى سائر الموزونات) (٢).

الراجح: هو القول القائل بأن العلة فيهما مطلق الثمنية وعلى هذا يتعدى الحكم إلى كل ما اتخذه الناس سكةً بينهم وراج رواج النقدين، كالأوراق النقدية (٣)، إذ أن الأوراق النقدية صارت عملة


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ٤٧١).
(٢) «إعلام الموقعين» (٢/ ١٥٧).
(٣) لم تُعرف الأوراق النقدية إلا في العصر الحديث؛ لذلك لا نجد للعلماء المتقدمين فيها حكمًا، إلا أن العلماء لما عمت هذه الأوراق وأصبحت هي الوسيط بين الناس في التبادل حتى إنها صارت العملة الرائجة ولم يجدوا فيها نصًّا لعلماء المذاهب المتقدمين اجتهدوا وخَرَّجوا فتواهم على أقوال السابقين، فمنهم من جعلها إسناد بدين ومنهم من جعلها عروضًا، ومنهم من جعلها فلوسًا وبعضهم قال: هي متفرعة عن الذهب والفضة فهي بدل والبدل له حكم المبدل عنه. كذا قالوا، ومنهم من قال بأن الأوراق النقدية نقد قائم بنفسه.
وعلى ترجيح أي وجه من هذه الأوجه والتخريجات تختلف الأحكام.

<<  <   >  >>