للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: أنه نهي تحريم - وهو الصحيح - لأن ذلك الماء مما تحرم المعاوضة عليه، ولا يصح أخذ البدَل عنه، والله أعلم (١).

قال ابن قدامة الحنبلي: عَسْب الفحل: ضرابه، وبيعه: أَخْذ عوضه، وتسمى الأجرة عسب الفحل مجازًا، وإجارة الفحل للضراب حرام والعقد فاسد، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وحُكي عن مالك جوازه، قال ابن عقيل: ويحتمل عندي الجواز؛ لأنه عقد على منافع الفحل ونزوه، وهذه المنفعة مقصودة، والماء تابع والغالب حصوله عقيب نزوه فيكون كالعقد على الظئر ليحصل اللبن في بطن الصبي، ولنا ما روى ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع عسب الفحل. رواه البخاري، وعن جابر قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع ضراب الجمل. رواه مسلم، ولأنه مما لا يقدر على تسليمه، فأشبه إجارة الآبق، ولأن ذلك متعلق باختبار الفحل وشهوته؛ ولأن المقصود هو الماء، وهو مما لا يجوز إفراده بالعقد، وهو مجهول، وإجارة الظئر خولف فيه الأصل لمصلحة بقاء الآدمي، فلا يقاس عليه ما ليس مثله.

فعلى هذا إذا أعطى أجرة لعسب الفحل فهو حرام على الآخذ لما ذكرنا، ولا يحرم على المعطي؛ لأنه بذل ماله لتحقيق مباح يحتاج إليه (٢).


(١) «الحاوي الكبير» (٥/ ٧٢٦).
(٢) «المغني» (٤/ ٣٠٠).

<<  <   >  >>