للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن القيم: واختلفوا في الجدار يهدم هل يضمن بقيمته أو يعاد مثله؟ على قولين وهما للشافعي، والصحيح ما دلت عليه النصوص وهو مقتضى القياس الصحيح، وما عداه فمناقض للنص والقياس؛ لأن الجميع يضمن بالمثل تقريبًا، وقد نص الله سبحانه وتعالى على ضمان الصيد بمثله (١) من النَّعَم، ومعلوم أن المماثلة بين بعير وبعير أعظم من المماثلة بين النعامة والبعير، وبين شاة وشاة أعظم منها بين طير وشاه (٢)، وقد رد النبي -صلى الله عليه وسلم- بدل البعير الذي أقرضه مثله دون قيمته (٣)، وَرَدّ عوض القصعة التي كسرتها بعض أزواجه قصعتها نظيرها (٤)، وقال: «إناء بإناء وطعام بطعام» (٥)، فسَوَّى بينهما في الضمان.


(١) يقصد قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٩٤ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٤، ٩٥].
(٢) لأن المماثلة تكون بين الصيد وبين ما يماثله بين النعم التي تصلح أن تكون أضحية، فكانوا يحكمون في النعامة ببدنة، وفي حمار الوحشي ببقرة، وفي الظبي شاة، فهنا يقول ابن القيم: المماثلة بين بعير وبعير أعظم من المماثلة بين نعامة وبعير أي من باب أَوْلى والله أعلم.
(٣) صحيح: وتقدم ذكره مع العزو.
(٤) صحيح: وتقدم ذكره مع العزو.
(٥) هذه الجملة زيادة في حديث أنس عند الترمذي (١٤١٠).

<<  <   >  >>