للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بها فقال: هذه تصلح أن تكون مدينة، فأمر بها، فقُطِع قصبها، ثمَّ كبس، ثمَّ بنيت، فقيل لها: نيسابور، والنيّ: القصب. اهـ.

ويحدِّثنا الحاكم عن سبب تأليفه لـ "تاريخ نيسابور" فيقول: "اعْلَم بأن خراسان وما وراء النهر، لكل بلدةٍ تاريخٌ صنَّفه عالمٌ منها، ووجدت نيسابور مع كثرة العلماء بها والحفاظ لم يصنّفوا فيه شيئًا، فدعاني ذلك إلى أن صنفت تاريخ النيسابوريين" (١).

ويقول تاج الدين السبكي (ت ٧٧١): "كانت نيسابور من أجلِّ البلاد وأعظمها، ولم يكن بعد بغداد مثلها، وقد عمل لها الحافظ أبو عبد الله الحاكم تاريخًا تخضع له جهابذة الحفاظ، وهو عندي سيد التواريخ" (٢). ويقول: "وهو عندي أعْوَد التواريخ على الفقهاء بفائدة، ومن نظره عرف تَفَنُّن الرجل في العلوم جميعها" (٣). والذي يقرأ فيما تجمَّع لديَّ من الطبقة السابعة من "تاريخ نيسابور" - وهي طبقة شيوخ الحاكم - يجد كمًّا هائلًا من الفوائد في العلوم جميعها، في علوم القرآن، والحديث، والتاريخ، واللغة، والأدب، والشعر، وغيرها من العلوم، وهذا يدلُّ على قوة حافظة الحاكم وسعة علومه، وقد وصفه تلميذه البيهقي بأنّه "أحفظ عصره وأتقنهم في الرواية" (٤)، فرحمَ الله الحاكمَ رحمةً واسعة، وحشره مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصِّدِّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.

واأسفاه على فقدان هذا التاريخ العظيم، حيث لم يُعْثَر في عصرنا على مخطوطة له يقينًا، فاستخرتُ الله عز وجل في تجميع "طبقة شيوخ الحاكم" من "تاريخ نيسابور"، وعسى أن أكون سَدَّيْتُ


(١) الإرشاد (ص ٨٥٣) لأبي يعلى الخليلي.
(٢) طبقات الشافعية الكبرى (١/ ١٧٣).
(٣) طبقات الشافعية الكبرى (٤/ ١٥٥).
(٤) في "كتاب القراءة خلف الإمام" (ص ١٧٦/ ط. دار الكتب العلمية).

<<  <   >  >>