فكذلك قوله {فِي السَّمَاءِ}، أي: على العرش فوق السماء، كما صحت الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ". اهـ.
وفي بيان الصِّبغي لعقيدته الذي عرضه على ابن خزيمة (١) قال: "وأنه ينزل تعالى إلى سماء الدنيا فيقول: "هل من داع فأجيبه". فمن زعم أن علمَه تنزلُ أوامره، ضلَّ، ويكلِّم عباده بلا كيف. {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)}، لا كما قالت الجهمية: إنه على الملك احتوى، ولا استولى. وأنَّ الله يخاطب عباده عوْدًا وبدءًا، ويُعيد عليهم قصَصَه وأمره ونهيه، ومن زعم غير ذلك فهو ضال مبتدع". اهـ.
٤ - قال الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص ١٣٩) - عند كلامه على الإِمام ابن خزيمة -: "وأنا أذكر في هذا الموضع من دقيق كلامه الذي أشار إليه إمام فقهاء عصره أبو العباس بن سُرَيج ما يُسْتَدَل به على كثير من علومه، … سمعت محمَّد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت أبا بكر محمَّد بن إسحاق بن خزيمة يقول: من لم يُقِرّ بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته فهو كافر بربه، يُستتاب فإن تاب وإلا ضُرِبَت عنقه، وأُلْقِيَ على بعض المزابل حيث لا يتأذى المسلمون والمعاهدون بنتن ريح جيفته، وكان ماله فَيئًا لا يرثه أحد من المسلمين، إذ "المسلم لا يرث الكافر" كما قال - صلى الله عليه وسلم -". اهـ.
الله أكبر! يعد الحاكم هذا الكلام من "دقيق كلامه" و"ما يُسْتَدَل به على كثير من علومه" مِن أنه "من لم يُقِرّ بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته فهو كافر بربه، يُستتاب فإن تاب وإلا ضُرِبَت عنقه"، فلو كان الحاكم كما "زعم" السّبكي أشعريًّا لِمَا أثنى على كلام ابن خزيمة، لأن الأشاعرة يُنكرون بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته، ولعدَّ الحاكم هذا الكلام من الضلال المبين بدلًا من الثناء على قائله. ولكنه أثنى على قائله، لأنه يوافق عقيدته السلفيَّة، عقيدة السَّلَف الصالح أصحاب الحديث.
(١) نقله الذهبي - عن الحاكم في "تاريخ نيسابور" - في سير أعلام النبلاء (١٤/ ٣٨١).