ونظر عمر بن عبد العزيز إلى رجل عنده متغير اللون، فقال له ما الذي بك؟ فقال: إني ذقت حلاوة الدنيا فصغر في عيني زهرتها وملاعبها، واستوى عندي حجارتها وذهبها.
ورأيت كأن الناس يساقون إلى الجنة، وأنا أساق إلى النار فأسهرت لذلك ليلي، وأظمأت نهاري، وكل ذلك صغير حقير في جنب عفو الله، وثوابه عز وجل وجب عقابه.
وقال إبراهيم التيمي مثلث نفسي في النار آكل من زقومها وأشرب من صديدها وأعالج سلاسلها وأغلالها.
فقلت لنفسي أي شيء تريدين، قالت أريد أن أرد إلى الدنيا فأعمل صالحًا، قال: فلت أنت في الأمنية فاعملي.
وسمع عمر بن الخطاب رجلاً يتهجد في الليل ويقرأ سورة الطور، فلما بلغ قوله تعالى:{إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَا لَهُ مِن دَافِعٍ}[الطور: ٨] .
قال عمر: قسم ورب الكعبة حق، ثم رجع إلى بيته فمرض شهرًا يعوده الناس، ولا يدرون ما سبب مرضه.
وكان جماعة من السلف مرضوا من الخوف ولزموا منازلهم وبعضهم صار صاحب فراش.
وكان الحسن يقول في وصف الخائفين: قد براهم الخوف فهم أمثال القداح ينظر إليهم الناظر فيقول مرضى وما بهم مرض ويقول قد خولطوا وقد خالط القوم من ذكر الآخرة أمر عظيم.
هذه القصيدة عدلنا فيها بعض الأبيات:
وحَقِّكَ ياذَ الجُودِ مَالي مَلْجَؤٌ ... وَلا لي إلى أبْوَابِ غَيركَ مَطْلَبُ