الذين إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق الآية:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الأنفال: ٢] .
{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً}[الفرقان: ٦٤] . هؤلاء هم الذين رعوا للدين حرمته واحترموا آدميتهم وكرامتهم ووفقهم الله جل وعلا فبنوا لأنفسهم صروح المجد الخالد والعز الباقي والسعادة الأبدية.
ولا يبعد أن يكون من هؤلاء المذكورين الموصوفين بالصفات الحميدة القائل لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف ومنهم الباكي حين حضرته الوفاة القائل إني لم أبك جزعًا من الموت حرصًا على الدنيا ولكن أبكي على عدم قضاء وطري من طاعة ربي وقيام الليل أيام الشتاء.
ومنهم الباكي عند ما تفوته تكبيرة الإحرام مع الجماعة ومنهم الذي يمرض إذا فاتته الصلاة مع الجماعة.
ومنهم القائل لم أصل الفريضة منفردًا إلا مرتين وكأني لم أصلهما مع أنه قارب التسعين سنة.
ومنهم لم تفته صلاة الجماعة أربعين سنة إلا مرة واحدة حين ماتت والدته اشتغل بتجهيزها.