للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الخطبة الرابعة من شهر ربيع الثاني

الحمد لله الملك القهار العظيم الجليل، والحمد لله الذي أنفذ قضاءه في مخلوقاته، وحسبنا الله ونعم الوكيل، سبحان من جعل الدنيا دار زوال ورحيل، والآخرة دار نعيم أو عذاب وبيل، وكل ميسر لما خلق له، وعلى الله قصد السبيل.

أحمده على إحسانه الشامل الجزيل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا وزير ولا عديل، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله المؤيد بمعجزات التنزيل، والمصون دينه عن التحريف والتبديل، اللهم فصل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه صلاة وسلامًا يبلغان قائلهما نهاية التأميل.

أما بعد أيها الناس ما هذا الانتظار وقد قرب الرحيل؟ وما هذا الاغترار وقد أزف التحويل؟ أما ترون المنايا كيف أنشبت الأظفار؟ واستلبت من الأمة الخيار، وأن الرزايا قد طبقت أرجاء الأرض والأقطار، فمحت من المجالس الآثار، فأصبحت عرى الإيمان منفصمة، وقوى التقوى منقصمة، فاتقوا الله عباد الله حق تقاته، وبادروا بالسعي إلى مرضاته، وأقلقوا القلوب من مراقد غفلاتها، واعدلوا بالنفوس عن موارد شهواتها، وذللوا جموحها بذكر هجوم مماتها، وتخيلوا فضائحها يوم تعرف بسماتها، وترقبوا داعيًا من جو السماء تنشر به الرمم، وتزول معه التهم، ويطول عنده الأسف والندم، يا له من داع يسمع العظام البالية، ومناد يجمع الأجسام المتلاشية من حواصل الطيور وبطون السباع، وقرار الوهاد، ومتون البقاع، حتى يستقيم كل عضو في موضعه، ويقوم كل شخص من مصرعه، فتقومون أيها الناس ليوم الكرة بوجوه من الثرى مغبرة وألوان من هول ما ترون مصفرة، حفاة عراة كما

<<  <  ج: ص:  >  >>