فاستعملوا نعم الله بلزوم طاعته واحذروا استعمالها بالعصيان ولا تقولوا ذهب رمضان فهيا وثوبًا لعصيان فرب الزمانين واحد وقد حرم العصيان في أي شهر كان ولا تعتقدوا أن الأعياد جعلت للعب واللهو وإنما هي لإقامة ذكر الله والإعراض عن اللغو.
واعرفوا قدر نعمة الله عليكم في هذا العيد الأنور المعروف الأشهر عيد الإفطار عيد البركة والمسار مشهور في جميع النواحي والأقطار عيدنا أهل الإسلام ليس عيدًا من أعياد الكفار توج الله به شهر الصيام وافتتح به شهور حج بيته الحرام وأجزل فيه للصائمين جوائز الإكرام.
فإذا لاحت غرة هذا اليوم السعيد وخرج المسلمون فيه لصلاة العيد قال الله تعالى وهو أعلم بأسرار العبيد لملائكته ذوي التسبيح والتمجيد ما جزاء الأجير إذا فرغ من عمله فيقولون جزاؤه توفيته أجره ولديك المزيد فيقول جل ثناؤه أشهدكم يا ملائكتي أني جعلت ثوابهم من صيام شهر رمضان وقيامه مغفرة ذنوبهم وإجابة دعواتهم فأكثروا فيه من ذكر الله وتوحيده وتكبيره وتحميده واستغفاره وتمجيده والصلاة والسلام على نبيه أكرم خلقه وأشرف عبيده.
واعلموا أنه ليس السعيد من أدرك العيد ولبس الجديد ولا من ركب الخيل المسومة وخدمته العبيد ولا من كانت الدنيا تأتيه على ما يشتهي ويريد ولا من جمع المال وبلغ الآمال وخيف بأسه الشديد ولا من تأمر وساد وتجبر على العباد وتطاول في البناء وأشاد كل قصر مشيد إنما السعيد من خاف يوم الوعيد وراقب الله فيما يبدئ ويعيد وفاز بجنة عرضها السموات والأرض لا ينفد نعيمها ولا يبيد.