للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنه يعمل آلات للحرث والحصاد وآلات تتأثر بها النار، وآلات يطرق بها، وآلات لقطع الجبال الصم، وآلات لنجارة الأخشاب مما يكثر تعدادها، فلولا لطف الله سبحانه بخلق النار لم يحصل من ذلك شيء من المنافع، ولولاها لما كان يتهيأ للخلق من الذهب والفضة نقود ولا زينة ولا منفعة، وكانت هذه الجواهر معدودة من جملة الأتربة.

ثم انظر إلى ما جعل الله تعالى في النار من الفرح والتروح عندما تغشى الناس، ظلمة الليل، كيف يستضيئون بها، ويهتدون بنورها في جميع أحوالهم من أكل وشرب، وتمهيد مراقد، ورؤية ما يؤذيهم، ومؤانسة مرضاهم، وقصدها، والعمل عليها برًا وبحرًان فيجدون بوجودها أنسًا، حتى كأن الشمس لم تغب عن أفقهم، ويدفعون بها ضرر الثلوج والرياح الباردة، ويستعينون بها في الحروب ومقاومة حصون لا تملك إلا بها.

فانظر ما أعظم قدر هذه النعمة التي جعل سبحانه حكمها بأيديهم إن شاءوا خزنوها، وإن شاءوا أبرزوها.

باب

في حكمة خلق الإنسان

قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ} [المؤمنون: ١٢] . إلى آخر ما وصفه سبحانه.

اعلم وفقك الله تعالى، أن الله عز وجل لما سبق في علمه خلق الخلق وجعلهم في هذا الدار، وتكليفهم فيها للبلوى والاختيار، خلقهم سبحانه متناسلين بعضهم من بعض، فخلق سبحانه الذكر والأنثى، وألقى في قلوبهم

<<  <  ج: ص:  >  >>