للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على مواضع الحاجة إلا بعد طوْل وتعب.

ثم انظر كيف مد منه الفخذين والساقين وبسط القدمين ليتمكن بذلك من السعي، وزين القدمين بالأصابع، وجعلها زينة وقوة على السعي، وزين الأصابع أيضًا بالأظفار وقواها بها.

ثم انظر كيف خلق هذا كله من نطفة مهينة، ثم خلق منها عظام جسده فجعلها أجسامًا قوية صلبة لتكون قوامًا للبدن وعمادًا له، وقدرها تبارك وتعالى بمقادير مختلفة وأشكال متناسبة، فمنها صغير، وطويل، ومستدير، ومجوف ومصمت، وعريض ودقيق.

ثم أودع في أنابيب هذه العظام المخ الرقيق مصانًا لمصلحتها وتقويتها ولما كان الإنسان محتاجًا إلى جملة جسمه، وبعض أعضائها لتردده في حاجاته لم يجعل الله سبحانه عظامه عظامًا واحدًا، بل عظامًا كثيرة، وبينها مفاصل حتى تتيسر بها الحركة فقدر شكل كل واحد منها على قدر وفق الحركة المطلوبة بها، ثم وصل مفاصلها وربط بعضها ببعض بأوتاد أثبتها بأحد طرفي العظم وألصق الطرف الآخر كالرباط.

ثم خلق في أحد طرفي العظم زوائد خارجة منها، ومن الآخر نقرًا غائصه فيها توافق لأشكال الزوائد لتدخل فيها وتنطبق، فصار الإنسان إذا أراد أن يحرك شيئًا من جسده دون غيره لم يمتنع عليه، فلولا حكمة خلق المفاصل لتعذر عليه ذلك.

ثم انظر كيف جعل الرأس مركبًا من خمسة وخمسين عظمًا مختلفة الأشكال والصور، وألف بعضها إلى بعض بحيث استوت كرة الرأس كما ترى، فمنها ستة تختص بالقحف، وأربعة وعشرون للحي العلى، وأثنان للحي

<<  <  ج: ص:  >  >>