للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٥٩) للعبد موقفان بين يدي الله موقف بين يديه في الصلاة وموقف بين يديه يوم لقائه فمن قام بحق الموقف الأول هون عليه الموقف الآخر، ومن استهان بهذا الموقف ولم يوفه حقه شدد عليه ذلك الموقف.

(٦٠) العارف لا يأمر الناس بترك الدنيا فإنهم لا يقدرون على تركها ولكن يأمرهم بأن لا يصرفوا كل أوقاتهم في طلبها، ويجعلوا جل أوقاتهم للآخرة فيما يقربهم إلى الله ويأمرهم بترك الذنوب مع إقامتهم على ما يحصل لهم به الكفاف من طلب المعاش، فإن صعب عليهم ترك الذنوب فليجتهد في أن يحبب إليهم ربهم الذي رباهم وربى جميع العالمين بنعمه، ويذكرهم بآلائه وصفات كماله، فإن القلوب مفطورة على محبته، فإذا تعلقت بحبه هان عليها ترك الذنوب والإقلال منها.

(٦١) الإيمان له ظاهر وباطن فظاهره قول اللسان وعمل الجوارح، وباطنه تصديق القلب وانقياده ومحبته، فلا ينفع ظاهر لا باطن له، ولا يجزي باطن لا ظاهر له، إلا إذا تعذر بعجز أو إكراه أو خوف هلاك، فتخلف العمل ظاهرًا مع عدم المانع دليل على فساد الباطن وخلوه من الإيمان، ونقصه دليل نقصه وقوته دليل قوته فالإيمان قلب الإسلام ولبه، واليقين قلب الإيمان ولبه، وكل علم وعمل لا يزيد الإيمان واليقين قوة فمدخول، وكل إيمان لا يبعث على العمل فمدخول.

(٦٢) جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين تقوى الله وحسن الخلق لأن تقوى الله يصلح ما بين العبد وبين ربه، وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه، فتقوى الله توجب له محبة الله، وحسن الخلق يدعو الناس إلى محبته، وجمع - صلى الله عليه وسلم - بين الاستعاذة من المأثم والمغرم، لأن المأثم يوجب خسارة الآخرة، والمغرم يوجب

<<  <  ج: ص:  >  >>