للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعنى: أي وإن ضيق بعضكم على بعض، بأن شاحَّ الأب في الأجرة، أو اشتطت الأم في طلب زيادة لا يؤديها أمثاله … فليحضر الأب مرضعاً أخرى تقوم بالإرضاع (١) … ثم بيان مقدار النفقة بقوله: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ﴾ الآية، وفي الآية حكمان شرعيان:

الحكم الأول: بيان إن نفقة الأبناء على الآباء، والآية على بابها محمولة على الوجوب بالإجماع.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «يجب على الرجل أن ينفق على ولده، وبهائمه، وزوجته بإجماع المسلمين» (٢).

وإنما وقع الخلاف في الأم هل يجب عليها نفقة الأبناء؟، وهل النفقة تكون واجبة على الأب إلى البلوغ أو إلى الكفاية؟.

وهذه الآية كما صرح عدد من العلماء هي أصل في وجوب النفقة للولد على والده (٣).

الحكم الثاني: ذكرت الآية مقدار النفقة، آمرة الوالد بأن تكون نفقته على حسب حاله، فإن كان موسراً فليوسع على أولاده، وإن كا معسراً فبحسب وسعه وطاقته.

والأمر هنا بيان لكيفية النفقة، والمبيِّن يأخذ حكم المبيَّن، فيكون للوجوب، وجوب التوسعة على الأبناء حال اليسر، وبحسب الطاقة حال اليسر، والمرجع في ضبطها عند الاختلاف إلى العرف.


(١) انظر: تفسير حدائق الروح والريحان للهرري (٢٩/ ٤٢٦).
(٢) مجموع الفتاوى (٨/ ٥٣٥).
(٣) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (٤/ ١٨٤٣)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٨/ ١٥٣).

<<  <   >  >>