للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخبر، وهو محط أمثلة الأصوليين غالبًا، وهذا الأسلوب يعرف كونه مستعملًا في معنى الأمر من سياق الكلام، وما يستوجه من الإلزام. والمقصود بالإلزام هنا: ما يشير إليه العلماء غالبًا في إثبات كون الصيغة للطلب مثل قولهم: لو لم يكن للطلب للزم الخلف لما هو مشاهد في الواقع، فيقولون -مثلا- عند قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، وجدت مطلقات لا يتربصن ثلاثة قروء، ولو كان خبراً محضاً لما تخلف الخبر عن مخبره، لأن أخبار الله تعالى لا تنفك من وجود مخبراتها، فلما وجد الانفكاك علمنا بأنه خرج من الخبرية إلى الإنشائية معنًى دون اللفظ (١).

يقول الزركشي عن الآية نفسها: «إن السياق يدل على أن الله تعالى أمر بذلك لا أنه خبرٌ، وإلا لزم الخلف في الخبر» (٢).

وهذا الأسلوب -الثالث- هو مجال البحث التطبيقي، وقبل ذلك تجدر الإشارة بذكر خلاف العلماء في كونه يأخذ حكم الأمر أو لا؟

فذهب جمهور العلماء (٣) إلى أن الخبر الذي بمعنى الأمر يأخذ حكمه فيحمل على الوجوب، عند تجرده عن القرائن الصارفة له عن ذلك.

قال ابن حزم: «الأوامر الواجبة ترد على وجهين: أحدهما: بلفظ: افعل، أو افعلوا. والثاني: بلفظ الخبر … » (٤).


(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص (١/ ٥١٧).
(٢) البرهان في علوم القرن (٢/ ٢٢٠). (٢/ ٣٢٠)
(٣) انظر: شرح تنقيح الفصول (١١٥)، والتنقيح وشرحه التوضيح مطبوعان مع شرح التلويح على التوضيح (١/ ٢٨١٢٨٢)، والموافقات (٣/ ١١٧)، والبحر المحيط (٢/ ٣٧١) و (٣/ ٤٦٥)، و (٤/ ٢٢٦٢٢٧)، وفتح الغفار (٣٥)، وإرشاد الفحول (٢/ ٢٠).
(٤) الإحكام (٣/ ٣٠١).

<<  <   >  >>