للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر الشاطبي أنها من الأوامر غير الصريحة وأنها تدل على تقرير الحكم حيث قال: «وأما الأوامر والنواهي غير الصريحة فضروب:

أحدها: ما جاء مجيء الإخبار عن تقرير الحكم، كقوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: ١٨٣] … وأشباه ذلك مما فيه معنى الأمر، فهذا ظاهر الحكم، وهو جار مجرى الصريح من الأمر والنهي». (١)

وقال ابن النجار: «وكأمر خبر بمعناه، يعني: أن الأمر الذي بلفظ الخبر نحو قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٨] حكمه حكم الأمر الصريح في جميع ما تقدم (٢).

ونقل الخلاف في هذه المسألة عن ابن الزملكاني (٣)، وبعض الشافعية الشافعية. (٤)، حيث ذهب إلى عدم جريان الخلاف الذي في الأمر والنهي في الخبر الذي في معناهما، فلا يأخذ حكمهما (٥).

وحجته: أن ما كان موضوعاً حقيقة لغير الأمر والنهي، ويفيد معناهما

-كالخبر الذي هو بمعناهما- لا يدعي أنه حقيقة في الوجوب أو الحرمة؛ لأنه


(١) الموافقات (٣/ ٤٢٢ - ٤٢٣).
(٢) شرح الكوكب المنير (٣/ ٦٦).
(٣) هو: محمد بن علي بن عبد الواحد بن الزملكاني، الشافعي، القاضي، الفقيه، الأصولي، النحوي، رأس الشافعية في زمانه، توفي سنة (٧٢٧ هـ). انظر: طبقات الشافعية (٩/ ١٩٠)، وشذرات الذهب (٦/ ٧٨).
(٤) انظر: البحر المحيط (٢/ ٣٧١) و (٣/ ٤٦٥)، و (٤/ ٢٢٦٢٢٧)، وإرشاد الفحول (٢/ ٢٠).
(٥) قاله ابن الزملكاني في رد له على شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة الزيارة، حيث جعل شيخ الإسلام ابن تيمية قوله : «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث» في معنى النهي، والنهي للتحريم، كما أن الأمر للوجوب، فنازعه ابن الزملكاني، وألف في ذلك مؤلفاً يرد فيه على ابن تيمية في مسالتي الطلاق والزيارة، كما في كتب ترجمته السابقة، وانظر: البحر المحيط (٢/ ١٠٥).

<<  <   >  >>