للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يستعمل في غير موضعه إذا أريد به الأمر أو النهي. وادعاء كونه حقيقة في الخبر مكابرة.

ويمكن أن يجاب عنه: بأن الخبر هنا وإن كان مستخدماً في غير معناه الحقيقي إلا أن منع دلالته على الوجوب غير مسلمة؛ إذ العبرة بالمعنى لا بصورة اللفظ، والمعنى أمر فيكون دلالته كدلالة الأمر، بل إن بعض العلماء قال: إنه أقوى في الدلالة، كما سيأتي في بيان أسباب العدول من صيغة الأمر إلى أسلوب الخبر في المبحث القادم.

قال ابن النجار: «قال أرباب المعاني: وهو أبلغ من صريح الأمر والنهي؛ لأن المتكلم لشدة طلبه نزَّل المطلوب بمنزلة الواقع لا محالة … » (١)

واستدل أصحاب القول الأول القائلين بجريان الخلاف الوارد في الأمر والنهي، أنه ربما يكون حقيقة في الأمر أو النهي، ويترتب عليه أحكامهما، بالأدلة التالية:

الدليل الأول: إن الخبر الذي بمعنى الأمر والنهي، يدخله النسخ، كما يدخل الصيغ الصريحة في ذلك، أما الأخبار المحضة فلا يدخلها النسخ (٢).

الدليل الثاني: إن مدلول الخبر هو الحكم بثبوت مفهوم لمفهوم أو نفيه عنه، فالمحكوم به في خبر الشارع إن كان هو الحكم الشرعي مثل ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: ١٨٣] و ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥] فلا يخفى أنه يفيد


(١) شرح الكوكب المنير (٣/ ٣٢). وانظر: شرح تنقيح الفصول (١١٥)، والبحر المحيط (٢/ ٣٧٢)، وفتح الغفار (٣٥).
(٢) انظر: البحر المحيط (٢/ ٣٧١)، وشرح الكوكب المنير (٣/ ٦٦).

<<  <   >  >>