للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثبوت الحكم الشرعي من غير أن يجعل مجازا عن الأمر، وإن لم يكن كذلك فوجه إفادته للحكم الشرعي أن يجعل الإثبات مجازاً عن الأمر، والنفي مجازاً عن النهي، فيفيد الحكم الشرعي بأبلغ وجه؛ لأنه إذا حكم بثبوت الشيء أو نفيه فإن لم يتحقق ذلك لزم كذب الشارع وهو محال، بخلاف الأمر فإنه لا يلزم من عدم الإتيان بالمأمور به كذب الشارع (١).

الدليل الثالث: أن هذا الخبر يوجد خلافه، ولو كان خبراً محضاً لما وجد ذلك؛ لما يلزم عليه من الخُلْف في خبر الشارع، فوجب حمله على الأمر إذاً (٢).

الدليل الرابع: ذهب جمهور أهل العلم إلى أن صيغ العقود كبعت واشتريت، والفسوخ، كفسخت، وطلقت، والالتزامات، كقول القاضي: حكمت، أنها وإن كانت إخبارات في أصل اللغة إلا أن معناها الإنشاء، وتأخذ حكمه.

الدليل الخامس: إن استعمال الأمر أو النهي بلفظ الخبر عرف سائد عند العرب، فيقولوا مثلاً: جمع رجل عليه ثيابه، وحسبك درهم، أي اكتف به (٣).

الدليل السادس: أن من العلماء من يرى أنه داخل تحت دلالة الاقتضاء، إذ قوله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣]. معناه: ليرضعن، وكذا قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، أي: ليتربصن، فقدروا صيغة الأمر في الخبر (٤).


(١) انظر: شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني (١/ ٢٨٢)، وقال المرداوي في التحبير (٥/ ٢١٩٦): " واستند بعضهم في ذلك لقول البيانيين وغيرهم إن ذلك أبلغ من صريح الأمر والنهي فينبغي أن يكون للوجوب قطعاً ".
(٢) انظر: البحر المحيط (٢/ ٣٧١).
(٣) انظر: البحر المحيط (٢/ ٣٧٢).
(٤) انظر: البحر المحيط (٣/ ٢٨٢) (٣/ ٢٩٦)، الإبهاج (٢/ ٧٠٤).

<<  <   >  >>