للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث بين تعالى أنه لا خِيَرة لأحد بعد أمره وأمر رسوله ، وأن فعل ذلك يؤدي بالشخص إلى الوقوع في المعصية والضلال المبين، وقد أطلق تعالى الأمر فيدخل فيه ما جاء بصيغة الخبر وأُريد به الأمر، وعلى هذا فإنه يفيد الوجوب، إذ مثل هذا التحذير لا يكون إلا في ترك الواجب.

تنبيه: نازع ابن العربي العلماء وقال إنه: لا يصح ورود الخبر ومعناه الأمر بل هو خبر لفظا ومعنى فهو خبر عن حكم الشرع، ثم قال: هذه الدفينة التي فاتت العلماء فقالوا: "إن الخبر يكون بمعنى الأمر" وما وجد ذلك قط ولا يصح أن يوجد فإنهما مختلفان حقيقة ومتباينان وضعا (١).

والظاهر أن كلامه لا يعارض استعمال الخبر في معنى الأمر مجازا إذ استبعد استعمال الخبر في الأمر حقيقة ولا يصح ذلك فعلا، إذ حقيقته الخبر وليس الأمر.

ولا شك أن الخلاف بينه وبين غيره في الطريق والأسلوب وليس في إثبات الحكم فإن كلا منهما يرى ثبوت حكم الوجوب بالخبر إلا أن ابن العربي أثبته بالخبر مباشرة وقال إنه خبر عن الحكم الشرعي، وغيره أثبته بعد أن جعله في معنى الأمر لما سلف آنفا.


(١) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (١/ ١٨٨، ٢٥٣، ٢٨٠)، الإتقان (٢/ ٢٠٥)، بدائع الفوائد (١/ ١١٦)، البرهان في علوم القرآن (٣/ ٣٤٩).

<<  <   >  >>