للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبيه في بيان أسباب العدول عن أسلوب الأمر وصيغه إلى أسلوب الخبر:

عدل الشارع عن أسلوب صيغ الأمر الصريحة إلى الأسلوب الخبري لأسباب مظانها كتب علم المعاني، وذكرها الأصوليون لما لها تعلق بالأحكام، ومن تلك الأسباب:

أولا: إن الحكم المخبر به يؤذن باستقرار الأمر وثبوته على حدوثه وتجدده فإن الأمر لا يتناول إلا فعلا حادثا فإذا أمر بالشيء بلفظ الخبر آذن ذلك بأن هذا المطلوب في وجوب فعله ولزومه بمنزلة ما قد حصل وتحقق فيكون ذلك أدعى إلى الامتثال. وهو أبلغ من صريح الأمر لأن المتكلم لشدة طلبه نزل المطلوب منزلة الواقع لا محالة (١).

يقول الزمخشري: " ورود الخبر والمراد الأمر أو النهي، أبلغ من صريح الأمر أو النهي، كأنه سُورع فيه إلى الامتثال وأخبر عنه " (٢).

يقول الزركشي: " فإنما يجيء الأمر بلفظ الخبر الحاصل تحقيقاً لثبوته، وأنه مما ينبغي أن يكون واقعاً ولابدَّ، وهذا هو المشهور " (٣).

ثانيا: أن أسلوب الأمر و إن دل على الوجوب فقد يحتمل في اللغة معنى الاستحباب فإذا جيء بأسلوب الخبر علم أنه أمر ثابت مستقر و انتفى احتمال الاستحباب (٤).


(١) انظر: التحبير شرح التحرير (٥/ ٢١٩٦) البحر المحيط (٢/ ٣٧٢)، الإبهاج (٢/ ٧٠٤).
(٢) الكشاف للزمخشري (١/ ١٥٦).
(٣) البرهان في علوم القرآن (٣/ ٤٠١).
(٤) انظر: البحر المحيط (٢/ ٣٧٢).

<<  <   >  >>