للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يرجعون ويعودون إليه، وهذا يستلزم عدم خلو البيت منهم سواء كان في الحج أو العمرة في جميع أيام السنة، ولا يمكن إجراء الآية على هذا المعنى إلا بحملها على الوجوب؛ لأن كونه مثابة للناس صفة تتعلق باختيار الناس، وما يتعلق باختيار الناس لا يمكن تحصيله بالجبر والإلجاء، فوجب حمل الآية على الوجوب؛ لأن الحمل على الوجوب يفضي إلى صيرورته مثاباً، أكثر من حمله على الندب (١).

ثانيا: قوله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾ [البقرة: ١٢٥] تضمنت هذه الآية - أيضاً - وهو تأمين البيت. وقد أمر المولى عباده أن يجعلوا مكة مكاناً مأموناً من الغارات والقتل ونصب الحروب (٢).

فكأنه قال: أمنوا من دخل البيت. ولا يمكن حمل الآية على الخبرية المحضة، إذ الواقع والمشاهد وقوع القتل المحرم والمباح في الحرم، فيلزم الخلف في إخباره وهذا مستحيل.

ووجوب تأمين الداخل للحرم محل اتفاق بين العلماء، سواء كان الداخل إنساناً أو حيواناً، أو طيراً، وأمن الإنسان يكون في نفسه أو أهله أو ماله.

ووجه العموم في الآية ورود الأمن في الآية بلفظ النكرة ﴿وَأَمْنًا﴾ كما أشار إلى ذلك ابن الفرس (٣)، ولعل ذلك لورودها في سياق الامتنان.


(١) انظر: التفسير الكبير (٤/ ٤٦).
(٢) انظر: التفسير الكبير (٤/ ٤٧).
(٣) انظر: أحكام القرآن لابن الفرس (١/ ١١٠).

<<  <   >  >>