للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٢) قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾ [البقرة: ٢٣٤].

أخبرت الآية الكريمة المرأة المتوفى عنها زوجها بوجوب تربصها وإحدادها عليه مدة أربعة أشهر وعشرة أيام مع لياليها.

والإحداد: امتناع المرأة عن الزينة من لباس وغيره بعد زوجها للعدة (١).

ومما يدل على أن الخبر هنا أريد به الأمر والوجوب، هو وجود الخلف في واقع الناس، فنجد امرأة توفي عنها زوجها ولم تتربص أربعة أشهر وعشر، ولو كان خبراً لاستحال وجود مخبره على خلافه.

والتربص هذه المدة باق على وجوبه، غير مصروف، وبه قال أكثر أهل العلم، حتى نقل بعضهم الإجماع عليه (٢).

والعموم في اسم الموصول باق على عمومه، فتدخل كل امرأة توفي عنها زوجها، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، آيسة أو غير آيسة.

ولم يخرج من العموم السابق إلا الحامل، فقد اختلف العلماء في سقوط وجوب إحدادها هل هو بانقضاء حملها فتستمر حتى الوضع، أو تشملها الآية الكريمة بعمومها؟ وبسط ذلك في كتب الفقه (٣).


(١) انظر: حاشية ابن قاسم على الروض المربع (٧/ ٧٩).
(٢) نقل الإجماع على وجوب إحداد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً عدد من العلماء، منهم ابن المنذر في كتابه الإجماع (٧٣)، وابن عبد البر في التمهيد (١٧/ ٣٢١)، وابن قدامة في المغني (١١/ ٢٨٤)، وغيرهم، ويقدح في هذا الإجماع مخالفة الحسن البصري والشعبي. قال ابن حجر في فتح الباري (٩/ ٥٨٤): " ومخالفتهما لا تقدح في الاحتجاج، وإن كان فيها رد على من ادعى الإجماع ".
(٣) يقول النووي في شرحه على صحيح مسلم (١٠/ ٨٩): " عدة المتوفى عنها بوضع الحمل، حتى لو وضعت بعد موت زوجها بلحظة قبل غسله، انقضت عدتها، وحلَّت للأزواج، وهذا قول مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأحمد، والعلماء كافة ".

<<  <   >  >>