للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* الوقفة الثانية: وجوب الحجّ والخلاف في وجوب العمرة.

أمّا الحجّ فوجوبه أمر متفق عليه ومعلوم من الدّين بالضرورة، وأما العمرة ففي وجوبها خلاف.

ومأخذ وجوبهما من الآية ما يلي:

أولًا: إن من معاني الإتمام المأمور به: الأداء والإتيان.

قال القرطبي: «اختلف العلماء في المعنى المراد بإتمام الحج والعمرة لله، فقيل: أداؤهما والإتيان بهما، كقوله: ﴿فَأَتَمَّهُنَّ﴾ [البقرة: ١٢٤] وقوله: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧] أي ائتوا بالصيام، وهذا على مذهب من أوجب العمرة» (١).

ثانيًا: بقراءة ﴿وأقيموا الحجّ والعمرة لله﴾ (٢) على أن القراءة الشّاذة حجة.

ثالثًا: إذا كان الإتمام واجبًا؛ فإنّ الأداء واجب.

وهذا المأخذ فيه نظر، قال ابن القصار: «فيقال لهم هذا غلط؛ لأنّه من أراد أن يفعل السنة فواجب أن يفعلها تامّة، كمن أراد أن يصلي تطوعًا، فيجب أن يكون على طهارة … » (٣).

قال القرطبي: «في هذه الآية دليل على وجوب العمرة؛ لأنه تعالى أمر بإتمامها كما أمر بإتمام الحج … » (٤). ثم ساق آثارًا تدل على وجوب العمرة، ثم قال: «وأمّا الآية فلا حجة فيها للوجوب، لأنّ الله سبحانه إنما قرنها في وجوب


(١) الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٣٦٥).
(٢) انظر: تفسير البغوي (١/ ٢٤١)، حدائق الروح والريحان للهرري (٣/ ٢٠٠).
(٣) أحكام القرآن لابن الفرس (١/ ٢٣٤).
(٤) الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٣٦٨).

<<  <   >  >>