للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإتمام لا في الابتداء … » (١).

واستدل من قال بوجوب العمرة إضافة إلى ما سبق:

أولاً: قراءة ﴿والعمرةُ لله﴾ بالضّم، وقد كان يقرأ بها من الصحابة ابن عمر وابن عباس ، وهي بذلك تكون خبرًا بمعنى الأمر.

ثانيًا: بدليل الاقتران، وقد استأنس الشافعي على وجوب العمرة به؛ ولقول ابن عباس : والذّي نفسي بيده إنّها لقرينتها في كتاب الله ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ (٢)

أمّا القائل بأنّ الآية لا تدل على الوجوب ابتداء، وإنّما تدل على وجوب الإتمام بعد الشروع فيهما فقط. فمأخذه نص الآية، فإنّ الأمر بالإتمام، فلا يتعدى لغيره كما سبق في قول القرطبي.

ويشهد أنها للإتمام لا للابتداء ورودها بعد حكم المحصر، الذي لم يتمّ الحجّ والعمرة، كما أنّهم أيدوا عدم وجوبها بأدلة أخرى مثل قوله : «بني الإسلام على خمس» (٣) وذكر منها حج بيت الله لمن استطاع إليه سبيلًا، ولم يذكر العمرة.

تنبيه: للخلاف في معنى الإتمام أثر كبير على كثير من مسائل الحج والعمرة، إذ إن من معاني الإتمام غير ما تقدم: الإتيان بها خالصة لله، ويقوي هذا المعنى قوله سبحانه ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾ وبُني عليه الخلاف في التجارة في الحج وسيأتي


(١) المصدر السابق (٢/ ٣٦٩).
(٢) انظر: تفسير الشافعي (١/ ٤٨٤)، التفسير الكبير للرازي (٥/ ٢٩٧)، الدر المنثور (١/ ٥٠٤).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الإيمان، برقم (٨)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، برقم (١٦).

<<  <   >  >>