للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلام، كأنهم كرهوا ذلك، حتى نزلت: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ في مواسم الحج﴾ أخرجه البخاري (١).

* الوقفة الثانية: وجوب الوقوف بعرفة، وهو ركن من أركان الحج باتفاق.

دلّ عليه قوله: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ﴾ ثم قوله: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾. وفيها دليل أن المولى قد أمرهم بالوقوف بعرفة قبل إفاضتهم منها.

وقال الموزعي: عن قوله: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ «وهذه الآية أصرح وأبين في الدّلالة على الوجوب من التي قبلها؛ فإنّ الله أمرنا بالإفاضة من حيث أفاض الناس، فأوجب الحصول في مكان ابتداء الإفاضة الذي يفيض منه النّاس، وهو عرفات» (٢).

مأخذ الحكم: هو الأمر الوارد بقوله: ﴿أَفِيضُوا﴾ وهو يقتضي الوجوب، والمراد بالإفاضة هنا: الإفاضة من عرفات، وهو قول جماهير المفسرين، بل حكى فيه الطبري الإجماع، ولم يخالف فيه إلّا الضّحاك، وهو محجوج بالإجماع، وكان الناس، وهم العرب ما خلا قريشًا تتجاوز المزدلفة، وتقف بعرفات، وتفيض منها.

تنبيه: لم يذكر المولى في كتابه وقت الوقوف، ولا وقت الإفاضة، وبيّنه بفعله، فوقف بها إلى أن غربت الشمس، ثم دفع فجمع بين الليل والنهار.


(١) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾، برقم (٤٥١٩).
(٢) تيسير البيان (١/ ٣٦٣).

<<  <   >  >>