للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧]

* الوقفة الأولى: استدل بالآية على وجوب الحج، وهو أمر متفق عليه، ومعلوم من الدّين ضرورة.

ومأخذ الحكم: ورد في الآية لام الايجاب، ولفظ: " على " الدّالة على الوجوب أيضًا.

قال القرطبي: «قوله تعالى ﴿وَلِلَّهِ﴾ اللام في قوله ﴿وَلِلَّهِ﴾ لام الإيجاب والإلزام، ثم أكده بقوله تعالى: ﴿عَلَى﴾ التي هي من أوكد ألفاظ الوجوب عند العرب، فإذا قال العربي: لفلان علي كذا، فقد وكّده وأوجبه. فذكر الله تعالى الحج بأبلغ ألفاظ الوجوب تأكيدًا لحقه وتعظيما لحرمته، ولا خلاف في فريضته» (١).

* الوقفة الثانية: أن من جحد وجوبه فهو كافر؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ قال ابن عباس : (من كفر بفرض الحج، ولم يره واجبًا) (٢) ووسّع العلماء الحكم ليشمل كل من جحد حكمًا معلومًا من الدّين ضرورة فهو كافر.

ومأخذ الحكم: التفسير السابق عن ابن عباس مع ضميمة ذكر غنى الله عنه في الآية.

قال الرازي معدداً مؤكدات وجوب الحج في الآية: " وسادسها: ذكر الاستغناء، وذلك مما يدل على المقت والسخط والخذلان " (٣).


(١) الجامع لأحكام القرآن (٤/ ١٤٢).
(٢) انظر: تفسير الماودري المسمى بالنكت والعيون (١/ ٤١١).
(٣) التفسير الكبير (٨/ ٣٠٦).

<<  <   >  >>