للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له، فلا يجوز طلب تسخيرٍ كتسخيرِ موسى.

وإن قال: أردتُ به أصلَ التسخير لا صفته، فقوله: «سَخِّر لنا هذا البحر» كافٍ فلا حاجة إلى قوله: «كما سخرت البحر لموسى» لأن (١) فَرْقَ البحر لموسى لا يُسَمَّى تسخيرًا، بل هو أعظم من التسخير.

وأيضًا: فإنَّ الله قد سخَّر لنا ما في السموات وما في الأرض، فالتسخير نوعان: نوعٌ معتاد، ونوعٌ خارق للعادة.

فإن كان طلب التسخير المعتاد لم يكن في تشبيهه بخوارق العادات دون غيرها فائدة، بل يُقال: سخِّرْه لنا كما سَخّرتَه لمن سَلَّمتَه من عبادك، وكما سخَّرت لنا ما في السموات والأرض.

وإن أراد به خَرْق العادة كما خُرِقت العادة (٢) لموسى وإبراهيم وداود وسليمان= كان هذا جهلًا، فإنَّ ركوبَ البحر والسلامة فيه ليس فيه خرق عادة.

والكلام المعروف في مثل هذا أن يقال: يا من فَرَق البحرَ لموسى، وجعل النار بردًا وسلامًا على إبراهيم، وألان الحديد لداود (٣) [ت ٢٧] وسخَّرَ الريحَ والجنَّ لسليمان، سخِّر لنا هذا البحر؛ لأن هذا وصفٌ لله بكمال القدرة العظيمة (٤) التي فعل بها هذه الأمور الخارقة للعادة، فيقال: يا


(١) (م): «فلا حاجة إلى التشبيه، مع أن فرق ... ».
(٢) (ت): «كما خرقتها».
(٣) «وألان الحديد لداود» من (ت).
(٤) (ت): «وصف الله تعالى بالقدرة والعظمة».