للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَن فَعَل هذا افعل بنا هذا.

وأمّا أن يقال: «سَخِّر لنا هذا كما سخَّرت هذا»، فلم يُعرَف عن المتقدمين مثل هذا الكلام، بل هو من الكلام المنكر الذي لا يقوله من (١) يتصوَّر ما يقول. والنارُ لم تُسَخَّر لإبراهيم بل جُعِلت عليه بردًا وسلامًا، فلم ينتفع هو بها مع كونها نارًا بل غُيِّرت صفتُها، وتسخير الشيء يكون لمن ينتفع (٢) به مع بقاء حقيقته.

وكذلك موسى فُلِق له البحر، ولا يقال لمثل هذا تسخير، بل هذا أبلغ من التسخير [م ١٧]، وقد قال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} (٣) [الجاثية: ١٣]، وقال: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (٣٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [إبراهيم: ٣٢ - ٣٣]، وقال تعالى: {وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا} [الأعراف: ٥٤].

وقال تعالى: {(٣٥) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (٣٦) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي} [ص: ٣٦ - ٣٨]، وقال تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: ١٢ - ١٣]، وقال تعالى: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ} [ص: ١٨] (٤).


(١) (ت): «الذي يقوله من لا».
(٢) (ت): «الشيء أن ينتفع».
(٣) الآية ليست في (ت).
(٤) الثلاث الآيات الأخيرة زيادة من (ت).