للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سموه: العِلَّة الأولى والمبدأ، والممكن عندهم لا يقال إلا للمحدَث الذي يمكن وجوده ويمكن عدمه، فأما ما كان دائمَ الوجود كالفلك عندهم فلا يسمُّونه ممكنًا، وإنما هذا اصطلاح ابن سينا وأتباعه (١).

ثم إنَّ كثيرًا من متأخري المتفلسفة ومَن خَلَط بالفلسفة كلامه، مِن المتكلمين والمتصوِّفة كالسَّهْروردي المقتول والرازي والآمدي يوافقونه على هذا، ويسلكون في إثبات واجب الوجود هذه الطريقة، وربما جعلوها أشرف الطرق، وأن غيرها يحتاج إليها، والأمر بالعكس كما قد بُسِط في غير هذا الموضع.

وأبو البركات (٢) صاحب «المعتبر»، وابن رشد الحفيد وأمثالهما يوافقونه تارة ويخالفونه أخرى، وهما أقرب إلى الإسلام من ابن سينا وأصحاب رسائل حيِّ بن يقظان (٣) وغيرهم نَسَجوا على هذا المنوال لكن بعبارات أخرى.

وابن سبعين بعدهم سلك مسلَكَهم، وانتهى هو وابن عربي الطائي وأمثالهما إلى القول بِوَحْدة الوجود، وهؤلاء يعكسون دين الإسلام، فكل مَن كان أقرب إلى الرسول كان عندهم أنقص، فأنقص المراتب عندهم مرتبة


(١) انظر «درء التعارض»: (٨/ ١٧٥ - وما بعدها).
(٢) هو: أبو البركات هبة الله بن علي بن مَلَكا البلدي، كان يهوديًّا ثم أسلم في أواخر عمره، الطبيب الفيلسوف، صاحب المعتبر في المنطق والحكمة (ت بعد ٥٥٠)، انظر «إخبار العلماء»: (٢/ ٤٦٠ - ٤٦٣)، و «طبقات الأطباء»: (٢/ ٢٩٦ - ٣٠٠)، و «السير»: (٢٠/ ٤١٩).
(٣) تقدم التعريف بها (ص ١١٠).