للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا موجود في كلام ابن عربي وغيره، وذكره في كتاب «الفصوص» (١) وغيره من كتبه، ينكرون على المشركين والنصارى تخصيصهم عبادة بعض الأشياء، والعارف عندهم من يعبد كلَّ شيء كما قال ابن عربي: «فقالوا في مكرهم: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا} [نوح: ٢٣ - ٢٤]، لأنهم إذا تركوهم جَهِلوا من الحق على قدر ما تركوا من هؤلاء، فإنّ للحق في كلِّ معبودٍ وجهًا يعرفه من يعرفه ويجهله من يجهله. كما قال في المحمديين: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: ٢٣] أي حكم، فالعالم يعلم مَن عَبَد، وفي أيِّ صورةٍ ظهر حتى عُبِد، وأن التفريق والكثرة كالأعضاء للصورة المحسوسة، وكالقوى المعنوية في الصورة الروحانية، فما عُبِد غير الله في كلِّ معبود» (٢).

فهذا وأمثاله من كلام الملحدين أهل الوحدة الذين يقولون: الوجود واحد، ولهم أشعار على هذا المذهب، كالقصيدة المسماة بـ «نظم السلوك» لابن الفارض (٣)، وشعر ابن إسرائيل (٤) [م ٧٦] والتِّلِمْساني صاحب «شرح


(١) (ص ٣٦).
(٢) هنا ينتهي كلام ابن عربي.
(٣) تقدمت بعض أبياتها، وهي في «ديوان ابن الفارض» (ص ٤٦ - ١١٦).
(٤) ابن إسرائيل هو: محمد بن سوار بن إسرائيل، نجم الدين أبو المعالي الشاعر الصوفي المشهور (ت ٦٧٧). قال عنه المصنف في «بيان تلبيس الجهمية»: (٥/ ٩٧): «وكان شاعرًا من شعراء الفقراء، في شعره إيمان وكفر، وهدى وضلال، وفي شعره كثير من كلام الاتحادية». ترجمته في «فوات الوفيات»: (٣/ ٣٨٣)، و «البداية والنهاية»: (١٧/ ٥٤٩ - ٥٥٦). وقد ذكر المصنف بعض شعره (ص ١٠٥).