اعلم أنه - عليه السلام - لم يأمر الأعرابيَّ بقضاء صوم ذلك اليوم في هذا الحديث، ولكن أمرَه بقضائه في رواية أخرى، ولم يورد المصنف تلك الروايات في "المصابيح".
واعلم أن الأعرابيَّ لمَّا ذكرَ عجزَه عن الإعتاق والصوم والإطعام لم يقلْ رسولُ الله: في ذِمَّتك حتى يقدرَ على أحد هذه الثلاثة؛ هذه خاصيةُ ذلك الأعرابي.
وأما غيرُه إذا فعلَ هذا الفعلَ وعجزَ عن هذه الثلاثة يجب في ذِمَّته إلى أن يقدرَ على واحدٍ من هذه الثلاثة.
قوله - عليه السلام - للأعرابي:"أَطعِمْه عيالَك": خاصةٌ للأعرابي، ولا يجوز لغيره أن يطعمَ طعامَ الكفارةِ عيالَه، وهذه الكفارةُ مرتبة عند الشافعي وأبي حنيفة وأحمد.
وقال مالك: هي مخيَّرة بفعل المُجامِع ما شاء من هذه الثلاثة، ومعنى المرتب: أن يكون الإعتاق مقدَّمًا، فإن لم يقدر على الإعتاق فيلزمه صومُ شهرَين متتابعَين، فإن لم يقدر على الصوم فيُطعم ستين مسكينًا، كلَّ مسكينٍ مُدًّا، وقال أبو حنيفة: نصفَ صاعٍ.
* * *
مِنَ الحِسَان:
١٤٢٧ - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ رجُلًا سأَلَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عنِ المُبَاشَرَةِ للصَّائِمِ فَرَخَّصَ له، وأَتَاهُ آخَرُ فَنَهَاهُ، فإذا الذي رَخَّصَ له شَيْخٌ، والذي نَهَاهُ شابٌّ.